وأما الفعل فهو أفعاله التي نقلها إلينا الصحابة، مثل أدائه الصلوات الخمس بهيئاتها وأركانها، وأدائه - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مناسك الحج، وقضائه بالشاهد واليمين (?)، وما إلى ذلك.
وأما التقرير فكل ما أقرَّهُ الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مما صدر عن بعض أصحابه من أقوال وأفعال، بسكوت منه وعدم إنكار، أو بموافقته وإظهر استحسانه وتأييده، فيُعْتبَرُ ما صدر عنهم بهذا الإقرار والموافقه عليه صادراً عن الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ومن ذلك ما رواه أبو سعيد الخُدري - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أنه خرج رجلان في سفر وليس معهما ماء فحضرت الصلاة فتيمَّما صعيداً طيِّباً، فصلَّيا ثم وجِدًّا الماء في الوقت، فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء ولم يعد الآخر، ثم أتيا النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فذكرا ذلك له، فقال الذي لم يعد: «أَصَبْتَ السُنَّةَ» وقال للآخر: «لَكَ الأَجْرَ مَرَّتَيْنِ» (?).
ومنه أَيْضًا إقراره الاجتهاد للصحابة في أمر صلاة العصر في غزوة بين قريظة، حين قال لهم: «لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدكُمْ الْعَصْرَ إِلاَّ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ»، ففهم بعضهم هذا النهي على حقيقته، فأخَّرها إلى ما بعد المغرب، وفهمه بعضهم على أنَّ المقصود حث الصحابة على الإسراع فصلاَّها في وقتها، وبلغ النبي - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - ما فعل الفريقان، فأقرَّهُما ولم ينكر على أحدهما (?). ومنه إقرارُهُ لطريقة معاذ بن جبل في القضاء حينما بعثه إلى اليمن. إذْ قال له: «كَيْفَ تَصْنَعُ إِنْ عَرَضَ لَكَ قَضَاءٌ؟ قَالَ: أَقْضِي بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ، قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ