لَنَا رِجَالَكُمْ. فَيُنْظَرُ إِلَى أَهْلِ السُنّةِ فَيُؤْخَذُ حَدِيثُهُمْ، وَيُنظَرُ إِلَى أَهْلِ البِدَعِ فَلاَ يُؤْخَذُ حَدِيثُهُمْ» (?).
وهذا لا يدل على أن الصحابة والتابعين لم يكونوا يسندون الأحاديث قبل الفتنة بل كان بعضهم يسند ما يروي تارة ولا يسنده أخرى، لأنهم كانوا على جانب كبير من الصدق والأمانة والإخلاص، وهناك أمثلة واضحة تبين إسناد الصحابة للروايات قبل الفتنة، من هذا ما حَدَّثَ بِهِ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - عَنْ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ: «أَنَّ فَاطِمَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهَا أَنْ تَحِلَّ، فَحَلَّتْ وَنَضَحَتْ البَيْتَ بِنَضُوحٍ» (?). وَكَانَ أَبُو أَيُّوبَ الأَنْصَارِيُّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - (?). وقد حَدَّثَ الصحابة بعضهم عن بعض.
وخلاصة القول أن المسلمين قبل الفتنة لم يلتزموا الإسناد دَائِمًا لما كانوا عليه من الصدق والأمانة، عِلْمًا بأن الإسناد لم يكن طَارِئًا وجديدًا على العرب بعد الإسلام، بل عرفوه قبل الإسلام، وكانوا أحيانًا يسندون القصص والأشعار في الجاهلية (?). وإنما التزم هذا التثبت في الإسناد بعد الفتنة في عهد صغار الصحابة وكبار التابعين، وفي هذا يروي الإمام مسلم بسنده المتصل عن