ابن أبي ليلى، ورحل الأوزاعي إلى يحيى بن أبي كثير باليمامة ودخل البصرة، ورحل سفيان الثوري إلى اليمن ثم دخل البصرة، ورحل عيسى بن يونس إلى الأوزاعي بالشام ... ورحل شعيب بن أبي حمزة إلى الزهري وهو يومئذٍ بالشام. وأما رحلة العلماء من بلد إلى بلد في الإقليم الواحد، فكثيرة كثرة تفوق الحصر (?).
وكان لرحلات العلماء في طلب الحديث أثر بعيد في انتشار السُنَّةِ، فمما لا شك فيه أن الراوي يرى مَنْ يُرْوِي عَنْهُ، ويقف على سيرته، ويسأل أهل بلده عنه، وكثيرًا ما كانوا يتشددون في السؤال عن الراوي، حتى يقال لهم: «أَتُرِيدُونَ أَنْ تُزَوِّجُوهُ؟» (*).
كذلك كان للرحلات فائدة عظيمة في معرفة طرق كثيرة للحديث الواحد فقد يسمع الراوي من علماء المصر الذي رحل إليه زيادات لم يسمعها من علماء مصره وكثيرًا ما يجد عندهم ما لم يجده عند شيوخه، وقد تقع مناظرات بين علماء الأمصار، تعارض فيها طرق الحديث الواحد، فيحصل فيها القوي ويعرف الضعيف، ويزداد طلاب العلم معرفة لأسباب ورود الأحاديث، حين يلقون من سمع من رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو أفتاه أو قضى له.
ويكفي الرحلة فائدة أن تساعد على نشر الحديث وجمعه، وتمحيصه والتثبت فيه، فكان لرحلات الصحابة والتابعين وأتباعهم أثر جليل في المحافظة على السُنَّةِ وجمعها وتدلنا تراجم الرواة على الصعاب التي كانوا