رحل في حرف (?)، ويظهر أن «مَسْرُوقًا» (?) كان كثير الترحال، ولذلك قَالَ عَامِرُ الشَّعْبِيِّ: «مَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ كَانَ أَطْلَبَ [لِلْعِلْمِ] فِي أُفُقٍ مِنَ الآفَاقِ مِنْ مَسْرُوقٍ» (?). ويروى عن الشعبي أنه حَدَّثَ بحديث ثم قال لمن حدثه: «أَعْطَيْتُكَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ الرَّاكِبُ لَيَرْكَبُ إِلَى المَدِينَةِ فِيمَا دُونَهُ» (?).
وكان الصحابة الكرام يشجعون على طلب العلم، وعلى الرحلة من أجله، من هذا ما رُوِيَ عن عبد الله بن مسعود أنه قال: «لَوْ أَعْلَمُ أَحَدًا هُوَ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللهِ تَعَالَى مِنِّي، تَبْلُغُهُ الإِبِلُ، لأَتَيْتُهُ» (?)، وكانوا يرحبون بطلاب العلم كما سبق أن ذكرنا، وكل هذا حَبَّبَ إلى التابعين الرحلة، حتى إِنَّ عَامِرًا الشَّعْبِيَّ قَالَ: «لَوْ أَنَّ رَجُلاً سَافَرَ مِنْ أَقْصَى الشَّامِ إِلَى أَقْصَى اليَمَنِ؛ لِيَسْمَعَ كَلِمَةَ حِكْمَةٍ مَا رَأَيْتُ سَفَرَهُ ضَاعَ (?)»، وفعلاً كانوا يرحلون إلى الصحابة ولا يرون أن سفرهم قد ضاع.
عَنْ كَثِيرِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ، أَتَيْتُكَ مِنَ المَدِينَةِ، مَدِينَةِ رَسُولِ اللَّهِ