وقد سار التابعون وأتباعهم على نهج الصحابة، فكانوا يوصون أولادهم وتلاميذهم بحفظ السُنَّةِ وحضور مجالس العلم، فقد أوصى عُرْوَةُ بَنِيهِ بهذا كما أوصى طلابه (?)، وكان علقمة يشجع طلابه على مذاكرة الحديث ودراسته (?)، كما كان عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، يَقُولُ: «إِحْيَاءُ الحَدِيثِ مُذَاكَرَتُهُ فَتَذَاكَرُوهُ» (?). واشتهرت بين العلماء عبارة «تَذَاكَرُوا الحَدِيثَ فَإِنَّ الحَدِيثَ يُهَيِّجُ الحَدِيثَ» (?).

وأكثر من هذا، كان بعض الآباء يشجعون أبناءهم على حفظ الحديث، ويقدمون إليهم جوائز كلما حفظوا شيئًا منه، من هذا ما رواه النَّضْرُ بْنُ الحَارِثِ، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ، يَقُولُ: قَالَ لِي أَبِي: «يَا بُنَيَّ، اطْلُبِ الحَدِيثَ، فَكُلَّمَا سَمِعْتَ حَدِيثًا، وَحَفِظْتَهُ، فَلَكَ دِرْهَمٌ. فَطَلَبْتُ الحَدِيثَ عَلَى هَذَا» (?).

ومهما يكن موقف المُرَبِّينَ في هذا العصر من هذا التشجيع فإنه وسيلة مبدئية لحفظ الحديث ودراسته، إن كانت في نظر الطفل هي الغاية فإنها لا تلبث أن تصبح، وسيلة إذا ما ألف حفظ الحديث، وتعطشت نفسه إليه تجسمت الغاية الأصلية أمامه، وعرف قيمتها، وقدر نفع الحديث، وعرف معناه، وأصبح من عشاقه، سواء أنقطعت تلك الجوائز أم لم تنقطع.

وإن التاريخ ليحفظ لنا أخبارًا كثيرة تثبت إقبال طلاب العلم على طلب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015