قال العَلاَّمة اليماني: «قَالَ - أَبُو رَيَّةَ - (ص 60): (صِيَغُ [اَلتَّشَهُدَاتِ]) , وَذَكَرَ اِخْتِلاَفهَا (?). أَقُولُ: يَتَوَهَّمُ أَبُو رَيَّةَ - أَوْ يُوهِمُ - أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّمَا عَلَّمَهُمْ تَشَهُّدًا وَاحِدًا , وَلَكِنَّهُمْ أَوْ بَعْضهمْ لَمْ يَحْفَظُوهُ , فَأَتَوْا بِأَلْفَاظٍ مِنْ عِنْدِهِمْ مَعَ نِسْبَتِهَا إِلَى اَلنَّبِيِّ - صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا بَاطِلٌ قَطْعًا , فَإِنَّ اَلتَّشَهُّدَ يُكَرَّرُ كُلَّ يَوْمٍ بِضْعَ عَشْرَةَ مَرَّةٍ عَلَى الأَقَلِّ فِي الفَرِيضَةِ وَالنَّافِلَةِ , وَكَانَ اَلنَّبِيُّ - صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحَفِّظُ أَحَدَهُمْ حَتَّى يَحْفَظَ , وَقَدْ كَانَ اَلنَّبِيُّ - صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقْرِئُ اَلرَّجُلَيْنِ اَلسُّورَةَ الوَاحِدَةَ هَذَا بِحَرْفٍ وَهَذَا بِآخَرَ. فَكَذَلِكَ عَلَّمَهُمْ مُقَدِّمَةْ اَلتَّشَهُّدِ بِأَلْفَاظٍ مُتَعَدِّدَةٍ , هَذَا بِلَفْظٍ وَهَذَا بِآخَرَ , وَلِهَذَا أَجْمَعَ أَهْلُ اَلعِلْمِ عَلَى صِحَّةِ اَلتَّشَهُّدِ بِكُلِّ مَا صَحَّ عَنْ اَلنَّبِيِّ - صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - , وَأَمَّا ذِكْرُ عُمَرَ اَلتَّشَهُّدَ عَلَى اَلمِنْبَرِ , وَسُكُوتِ اَلحَاضِرِينَ فَإِنَّمَا وَجْهَهُ المَعْقُولَ تَسْلِيمِهمْ أَنَّ اَلتَّشَهُّدَ اَلَّذِي ذَكَرَهُ صَحِيحٌ مُجْزِئٌ. وَقَدْ كَانَ عُمَرُ يَقْرَأُ فِي الصَّلاَةِ وَغَيْرِهَا القُرْآنَ وَلاَ يَرُدُّ عَلَيْهِ أَحَدٌ , مَعَ أَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ تَلَقَّوْا عَنْ اَلنَّبِيِّ - صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحَرْفٍ غَيْرَ الحَرْفَ الذِي تَلَقَّى بِهِ عُمَرُ , وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ. وَمِنْ الجَائِزِ أَنْ يَكُونُوا - أَوْ بَعْضُهُمْ - لَمْ يَعْرِفُوا اللَّفْظ الّذِي ذَكَرَهُ عُمَرُ , وَلَكِنَّهُمْ قَدْ عَرَفُوا أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَّمَ أَصْحَابَهُ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ وَعُمَرُ عِنْدَهُمْ ثِقَةٌ» (?).