سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ»، ثُمَّ حَمِدَ اللهَ ثَلاثًا، وَكَبَّرَ ثَلاثًا، ثُمَّ قَالَ: «سُبْحَانَكَ لاَ إِلَهَ إِلا أَنْتَ، قَدْ ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي». ثُمَّ ضَحِكَ، فَقُلْتُ: مِمَّ ضَحِكْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلْتُ، ثُمَّ ضَحِكَ، فَقُلْتُ: مِمَّ ضَحِكْتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «يَعْجَبُ الرَّبُّ مِنْ عَبْدِهِ إِذَا قَالَ: رَبِّ اغْفِرْ لِي، وَيَقُولُ: عَلِمَ عَبْدِي أَنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ غَيْرِي» (?).
وكان الصحابة يَتَأَسَّوْنَ بالرسول الكريم، ويحافظون على سُنَّتِهِ، سواء أعرفوا علة ذلك أم لم يعرفوا عِلَّةَ ذلك أم لم يعرفوا، وسواء أَتَوَقَّعُوا حكمة لما يفعلون أم لم يَتَوَقَّعُوا، وقد اشتهر عبد الله بن عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - بمحافظته الشديدة على سُنَنِ رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فكان الرسول أسوته في كل شيء، في صلاته وَحَجِّهِ وصيامه، حتى في قضاء حاجته (?) وكان كثيراً ما يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (?)، وكان إذا سمع من الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شيئًا، أو شهد معه مشهدًا، لم يُقَصِّرْ دُونَهُ أَوْ يَعْدُوهُ (?)، كان يقف عند الحد الوارد في الحديث أو الفعل النبوي من غير إفراط ولا تفريط.
عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ ابْنِ عُمَرَ فِي سَفَرٍ، فَمَرَّ بِمَكَانٍ فَحَادَ عَنْهُ، فَسُئِلَ لِمَ فَعَلْتَ؟ فَقَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ هَذَا فَفَعَلْتُ» (?)، وَكَانَ يَأْتِي