أن نغض الطرف عن الصورة التي دُوِّنَتْ بها كتب الأحاديث تلك التي كان مبناها روايات الذاكرة .. بينما البعد الزمني كفيل بمزج الزائد بها وإضافة الجديد إليها» (?).

ويضيف قائلاً: «بأنَّ ما دُوِّنَ في هذه الكتب من الأحاديث إنما هي ألفاظ للرُواة ولا نعرف ما بين اللفظ الأصلي - الصادر من سفتيه - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والمُعَبِّرُ به من وفاق أو خلاف وليس من العجب أنْ يخطئ أحد الرُواة في فهم الحديث مما يكون سببًا في ضياع المفهوم الصحيح» (?).

وبناء على هذا جعل الأحكام المستنبطة من السُنَّة بوجه عام أحكامًا لا يجب على المسلم اتِّبَاعَهَا «وأنَّ ما استخرج العلماء من نصوصها الحالية إنما هي أحكام اجتهادية لا نَصِّيَةَ فيها ولا حتمية لاحتمال ألاَّ يكون ذلك مقصوده - عَلَيْهِ السَّلاَمُ -» (?).

ثم خطا خطوة أخرى إلى الأمام فعاتب المحدثين والسلف مُحَمِّلاً إياهم التقصير في عدم تمحيص متون السُنَّة مثل السند فقال: «وإنا لنشكر المحدثين جهودهم المبذولة في هذا الشأن غير أنَّ جُلَّ مساعيهم بل كلها لم تتجاوز توثيق الرُواة وعدمه بينما أولئك الرُواة قد مضى على وفاتهم زمن طويل ثم أعقب ذلك دور التحقيق عنهم بحيث يكون هو العمدة في قبول الحديث ورده، فإنْ لم يكن هذا العمل مستحيلاً فلا يخلو أنْ يكون أمرًا في غاية الصعوبة» (?).

كما قال أحمد أمين في " ضُحَى الإسلام " (?).

وفي نهاية المطاف حاول أنْ يُجْهِزَ على السُنَّة بوضعه الشروط التي يَتَعذَّرُ توفرها في أغلب الأحاديث فقال: «والمعيار السليم لقبولها هو أنْ ينظر إلى المروي بمنظار القرآن، فما وافقه أخذناه ولما لم يوفقه نبذناه ... وإنْ نُسِبَ شَيْءٌ من ذلك إلى الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيجب أن يتوفر فيه ثلاثة شروط.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015