من ذلك ما رواه أحمد (?) عن عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قُلْنَا: «يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا نَسْمَعُ مِنْكَ أَحَادِيثَ لاَ نَحْفَظُهَا، أَفَلاَ نَكْتُبُهَا؟ قَالَ: " بَلَى، فَاكْتُبُوهَا "».

وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، «أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَكْتُبَ مَا يَسْمَعُ مِنْ حَدِيثِهِ فَأَذِنَ لَهُ» (?).

وقد صَحَّ عن أبي هريرة قوله: «مَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدٌ أَكْثَرُ مِنِّي حَدِيثًا عَنْهُ إِلاَّ مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو , فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ , وَلاَ أَكْتُبُ» (?).

يقول: «عدم إرادة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأن يبلغ عنه للعالمين شيء بالكتابة سوى القرآن المتكفل بحفظه في قوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9].

ولو كان غير القرآن ضروريًا في الدين لأمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بتقييده كتابة ولتكفَّل الله بحفظه ولما جاز لأحد روايته على حسب ما أداه إليه فهمه (?).

قلنا: هذه الدعوى غير مسلمة - ولو سلَّمنا جدلاً لما انتجت النتيجة - التي يريدها - وهي أنه لم يرد أنْ يبلغ عنه شيء أصلاً سوى القرآن، لأنَّ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أرسل كثيرًا من الرسل إلى الجهات المختلفة ولم يثبت أنه كان يقتطع لهم من صحف الكتاب ما يكون الحُجَّة في دعوتهم إلى الإسلام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015