إذا كانت عداوة أهل الصليب للإسلام قديمة وشديدة فإنها اشتدت بعد ما فتح صلاح الدين الأيوبي القدس وارتدت الحملات الصليبية كلها مدحورة مهزومة وهي التي كانت تحلم في استعمار بلاد الشام وما حولها.
إذًا فأهم أهداف المستشرقين هو الطعن في الإسلام وتشويه حقائقه لكونه الخصم الوحيد للمسيحية في نظر الغربيِّين.
وهناك دافع سياسي استعماري وذلك لما سمع ملوك أوروبا بما تتمتع به بلاد الإسلام من طمأنينة ومدنيَّة وأراضي خصبة، كما سمعوا الشيء الكثير عن ثرواتها ومصانعها فجاءوا يقودون جيوشهم باسم المسيح وما في نفوسهم في الحق إلاَّ الرغبة في الاستعمار والفتح والاستئثار بخيرات المسلمين وجعلهم طوع بنانهم لمقاصدهم الاستعمارية وأداة مرنة لبلوغ مآربهم.
وشاء الله أنْ تندحر الحملة الصليبية كلها مهزومة بعد حروب دامت قرابة قرنين من الزمان وترجع إلى ديارها تحمل في قلوبها الحسرة غير أنَّ ملوكها وأمراءها رجعوا مُصَمِّمِينَ على الاستيلاء على هذه البلاد مهما طال الزمن وكثرت التكاليف ورأوا بعد الإخفاق في الاستيلاء عليها عسكريًا أنْ يتَّجهوا إلى دراسة شؤونها وعقائدها ومصادر تشريعها تمهيدًا لغزوها فكريًا.
ولما كان القرآن الكريم قد حفظه الله من التحريف والزيادة والنقصان حيث قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (?).