الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وأنزل عليه كتابه تبياناً لكل شيء وهدى إلى صراط مستقيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المنزل عليه الكتاب، فبيَّن أحكامه، ورفع إبهامه، وخصص إطلاقه وشرح أهدافه، صلى الله تعالى عليه وعلى آله وأصحابه وذريته وعلينا معهم أجمعين، آمين.
وبعد:
فلا يخفى على من له أدنى إلمام بشرائع الإسلام أنَّ السُنَّة هي المصدر الثاني للشريعة الإسلامية، بل هي قُطْبُ رحاها، ومصدر إشعاعها، وشمس الحقيقة ومنبع الهداية، وهي السراج الوهاج في ليل داج، فقد كانت البشرية في الجاهلية تتخبط خبط عشواء، وكانت منغمسة في شهواتها، ومنتهية في جهالاتها، ومرتطمة في نزواتها، في خبط وحيرة، وظلمات مدلهمَّة لا تهتدي سبيلاً، ولا تجد طريقاً. حتى منّ الله عليها ببعث نبيه الكريم - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأنزل كتابه العظيم.
ولما كان القرآن الكريم محتوياً للأصول، غير مستقص لجميع التفاصيل، فيه من الإجمال شيء غير قليل، فوض الله بيانه إلى الرسول الكريم - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقوله:
{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (?).