الدقيقة بينها على أنْ تكون بقدر الحاجة إليها لا أنها أصل يتبع ويلتزم في الرواية وأنَّ الرواية بالمعنى ممنوعة باتفاق في الأحاديث المعتبر بلفظها كالأذكار والأدعية وجوامع كلمه - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

إنَّ الذين نقلوا الأحاديث من الصحابة ومن بعدهم من ثقات الرواة كان لهم من الخصائص الدينية والنفسية والخُلُقِيَّةِ ما يعصمهم من التغيير والتبديل والتساهل في الرواية، وإنكار ذلكر مكابرة.

وأما ما ادَّعَاهُ من أنه يَتَبَيَّنُ له أنَّ ما سَمَّوْهُ صحيحًا إنما هو في نظر رواته لا أنه صحيح في ذاته، فشيء سبق به من ألف سَنَةٍ أو تزيد، فقد قال أئمة الحديث (?) إنَّ الحكم على الحديث بالصحة أو الحسن أو عدم تحققها. وليس المراد أنه صحيح أو حسن أو ضعيف في الواقع ونفس الأمر، إذ لا يعلم ذلك يقينًا إلاَّ عَلاَّمُ الغيوب وأنه يجوز عقلاً أنْ يكذب الصادق ويصدق الكذوب به، وهذا التجويز العقلي دعاهم إليه التعمق في البحث والتأنِّي في النظر والتثبت في الحكم وبلوغ الغاية في النصفة» (?).

14 - قالوا: «إنهم أباحوا للناس أنْ يَرْوُوهَا - السُنَّة - عنهم بالمعنى على حسب ما فهموه»، قاله الدكتور توفيق صدقي (?).

ونقول له: إنَّ جواز رواية الحديث بحسب ما يؤدِّيه الفهم، لا نسمعه إلاَّ منك فإنَّ المقرر المعروف أنَّ فهم الحديث في ذاته تابع لروايته لا أنَّ روايته تابعة لفهمه، وأما رواية الحديث بمعناه - إذا غاب عن الراوي لفظه - فجائز لأنَّ المراد منه حكمه لا التحدي بلفظه، ولأنَّ القرآن مُتَعَبَّدٌ بلفظه وليست السُنَّةُ كذلك، إذًا فلا بأس بروايته بمعناه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015