يزعم المؤلفان أنَّ الحنفية يقدمون القياس على الخبر إذا عارضه، والحنفية لم يقولوا بتقديم القياس على الحديث بل الإمام وصاحباه وجمهرة من أتباعه على أنَّ الخبر مُقَدَّمٌ على القياس مطلقًا وإنْ كان ضعيفًا، وذكر ابن حزم الإجماع على أنَّ مذهب أبي حنيفة: أنَّ ضعيف الحديث أولى عنده من الرأي والقياس إذا لم يجد في الباب غيره (?) وهو مذهب الجمهور.

وذهب فخر الإسلام واختاره ابن أبان وأبو زيد وهم من الحنفية، إلى أَنَّ الراوي إذا كان فقيهًا قدم خبره على القياس مطلقًا. وإِنْ كان غير فقيه قدم خبره على القياس أيضًا إِلاَّ إذا خالف جميع الأقيسة وانسد باب الرأي بالكلية، ومثلوا لذلك بحديث [المُصَرَّاةِ].

ثم يظهر من ظاهر قول [المُؤَلِّفَيْنِ] هذا الموقف من تقديم القياس على الخبر خاص بأبي هريرة - عند القائلين به - وليس بصحيح، بل هم يُعَمِّمُونَ في كل رَاوٍ غير فقيه، إذًا فما وجه تخصيص أبي هريرة بالذكر؟ إلاَّ شيء في نفس المؤلف على أبي هريرة.

وأما ما نقله عن الحنفية من قولهم بعدم فقاهة أبي هريرة فغير صحيح، إذ لم يقل بذلك منهم إلاَّ فخر الإسلام وصاحباهُ، وجمهور الحنفية على خلافهم والتشنيع على مقالتهم تلك (?)، وجمهور الحنفية على أنَّ أبا هريرة فقيه، قال الكمال [بن] الهُمَام: «وَأَبُو هُرَيْرَةَ فَقِيهٌ».

نعم إِنَّ الحنفية مع كونهم يُقَدِّمون الخبر على القياس إذا تعارضا، فقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015