المحدثين لمقاومة الوضع فهو بدل ما يعترف للمحدثين بفضلهم وجهدهم في سبيل خدمة السُنَّة يتهمهم بأنهم أقروا بصحة الأحاديث وهي موضوعة الأصل ولا صلة لها بالدين وأنَّ الإسلام بريء منها.
إنَّ الصحابة والتابعين وسلف هذه الأمة أَجَلُّ وأسمى من أَنْ يخوضوا في الكذب والوضع وَهُمْ رَوَوْا عن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قوله: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» (?).
إننا نعترف أنَّ حركة الوضع في الحديث بدأت في وقت مُبَكِّرٍ وأنَّ الخلافات السياسية والكلامية - ولا سيما - بين عَلِيٍّ ومعاوية - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - كانت من العوامل الرئيسية في حركة الوضع تلك إذ أخذ بعض أصحاب معاوية يضعون الأحاديث في مثالب عَلِيٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وينشرونها بين الناس وقد قابلهم بمثلها جَهَلَةُ أصحاب عَلِيٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - دون علم عَلِيٍّ ومعاوية - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -، كما أنَّ ظهور أرباب الكلام من القدرية والمرجئة والجهمية ... والمناقشات الحادة بينها هَيَّأَتْ الأجواء المناسبة للوضع بذم بعضهم بعضًا.
لكن حركة الوضع هذه لا يمكن أنْ نجعلها دليلاً على أنَّ السُنَّة كلها موضوعة الأصل وأنها لا تصلح أنْ تكون دينًا عَامًا.
هذه بعض شُبُهَاتِ فرقة أهل القرآن ومزاعمهم قد ذكرنا أشهرها وَفَنَّدْنَاهَا ولا تكفي هذه العُجَالَةُ لنستوفي جميع شُبُهَاتهم وهي في الحقيقة أباطيل وأضاليل، نسأل الله الهداية والرشاد «وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ، فَلاَ هَادِيَ لَهُ» (?).