فريضة وأين نصاب الإبل والبقر والغنم والذهب والفضة .. بل خول بيان هذه الجزئيات إلى النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلو كان القرآن مشتملاً على كل التفاصيل والجزئيات التي يحتاج إليها في الدين - كما يزعم هؤلاء - لما أمر الله رسوله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بتبيينه للناس ولما أمر المسلمين بطاعة الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بامتثال ما يأمرهم واجتناب ما ينهاهم عنه. وفي هذا المقام يقول الدكتور السباعي (*): «بحق إن الله لم ينص في الكتاب على كل جزئية من جزئيات الشريعة وإنما بَيَّنَ أصول الشريعة ومصادرها وقواعدها ومبادئها العامة. ومن الأصول التي بَيَّنَهَا العمل بِسُنَّةِ الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما في قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (?).
ولعل الذي أوقعهم في فهمهمه الخاطئ لقوله تعالى: {وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ} (?).
ففهموا من التفصيل القرآني ما يفهمون منه من لغتهم الأوردية فالتفصيل والتفصيلات في الأوردية يأتي بمعنى (تعيين الجزئيات) غير أنَّ مادة (ف - ص - ل) لم ترد بهذا المعنى في لغة الضاد وإنما معناها الإبانة والتنحية والتوضيح لأنَّ التفصيل ضد الإجمال» (?).
قال الراغب: «الفصل: إبانة أحد الشيئين عن الآخر» (?) فإحلال التفصيل الأوردي مكان التفصيل العربي هو أساس الخطأ الذي وقعوا فيه.