الثاني: زيادة بعضهم على بعض في قوة الفهم:
فقد تخفى دلالة الحديث على إمام وتظهر لغيره، أو يعتقد الإمام أن تلك الدلالة قد عارضها ما دلّ على أنها ليست مُرادة (?) وقد يفتح الحق سبحانه بدقائق الفهم لإمام لا تفتح لغيره (?) . وذكر سبحانه قصة داود وسليمان عليهما السلام دليلاً على ذلك: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْنَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ، فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} [الأنبياء:78-79] . فاختصّ سبحانه سليمان عليه السلام بالفهم، وأثنى عليهما بالحكم والعلم، وتدلّ الآية كذلك على أن خطأ المجتهد لا يقدح فيه بل يبقى المجتهد موضع الثناء والتقدير لعلمه الذي يحمله (?) . ولقد بين العلماء أن دلالات أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث وضوحها وخفاؤها تنقسم إلى قسمين:
1- دلالة قطعية واضحة، لا يسع أحداً – غير مغلوب على عقله- جهلها كالأمر بالصلاة، والصيام، والزكاة، والحج، فالقطع بوجوبها لا خلاف فيه. وكالنهي عن الربا، والزنى، وقول الزور، والسرقة، فالقطع بتحريمها لا خلاف فيه (?) .