إِنَّ النَّبِيَّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سُئِلَ عَنِ السَّاعَةِ، فَنَظَرَ إِلَى غُلاَمٍ فَقَالَ: " لَنْ يُدْرِكَ هَذَا الهَرَمُ حَتَّى تَأْتِيَكُمْ سَاعَتُكُمْ "» (?).

وقال ابن كثير: «وَالمُرَادُ: انْخِرَامُ قَرْنِهِمْ، وَدُخُولُهُمْ فِي عَالَمِ الآخِرَةِ، [فَإِنَّ كُلَّ مَنْ مَاتَ فَقَدْ دَخَلَ فِي حُكْمِ الآخِرَةِ، وَبَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ: مَنْ مَاتَ فَقَدْ قَامَتْ قِيَامَتُهُ]».

ثم قال: «وَ [هَذَا] الكَلاَمُ بِهَذَا المَعْنَى صَحِيحٌ ... فَأَمَّا السَّاعَةُ العُظْمَى وَهُوَ اجْتِمَاعُ الأَوَّلِينَ وَالآخَرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَهَذَا مِمَّا اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِعِلْمِ [وَقْتِهِ]».

وفي " شرح النووي ": جـ 18 ص 90 لهذا الحديث: «قَالَ القَاضِي هَذِهِ الرِّوَايَاتِ كُلُّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى مَعْنَى الأَوَّلِ - وهو حديث عائشة - وَالمُرَادُ بِسَاعَتِكُمْ مَوْتِهِمْ وَمَعْنَاهُ يَمُوتُ ذَلِكَ القَرْنُ أَوْ أُولَئِكَ المُخَاطَبُونَ».

قال النووي: «وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ الغُلاَمَ لاَ يَبْلُغُ الهَرَمَ وَلاَ يُعَمِّرْ».

وفي " فتح الباري شرح صحيح البخاري ": ص 533 باب 95: ما يفيد أنه خاص بالمخاطبين لهذا فإن ابن حجر يؤيد القاضي عياض في أن المراد ساعتهم.

وبمثل هذا المنطق جاء آخر ونقل حديث " البخاري " عَنْ النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لاَ يَبْقَى عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ بَعْدَ مِائَةِ سَنَةٍ نَفْسٌ مَنْفُوسَةٌ».

ولقد ادعى الناقد: «أن البخاري على جليل قدره ودقيق بحثه، [يثبت] أحاديث [دَلَّتْ] الحوادث الزمنية والمشاهدة التجريبية على أنها غير صحيحة» (?) (*).

وهذا الكاتب لو اطلع على الرواية الكاملة لهذا الحديث في " البخاري " في باب السمر بعد صلاة العشاء من كتاب الصلاة لعلم أن هذه الرواية فيها قول النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَرَأَيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ، فَإِنَّ رَأْسَ مِائَةٍ، لاَ يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ اليَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَحَدٌ».

وقد أورد ابن حجر في كتاب " الإصابة في تمييز الصحابة ": ج 1 ص 5 أن العلماء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015