والراجح أنها تتعلق برحلة الإسراء والمعراج كمشاهدة عملية لأن الفتنة لا مجال لها إذا كانت رؤيا منامية لأنها تحدث لجميع الناس ولا يكذبهم أحد.
أما ما ورد في بعض أحاديث الإسراء والمعراج من عبارات مثل «بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ»، ومثل «فَاسْتَيْقَظْتُ» فلا يدل على الرؤية المنامية لأنه قبل الرحلة كان - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نائمًا فعلاً وجاء جبريل وأيقظه، وآيات سورة الإسراء تقطع بأن الرحلة ليست رؤيا منامية (?).
والسنة النبوية تؤكد ذلك وتفصله، فقد روى " البخاري " حديث الإسراء والمعراج عن مالك بن صعصعة أن نبي الله حدثهم عن ليلة أسرى به فقال: «بَيْنَا أَنَا عِنْدَ البَيْتِ بَيْنَ النَّائِمِ، وَاليَقْظَانِ - وَذَكَرَ: يَعْنِي رَجُلًا بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ -، فَأُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ، مُلِئَ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَشُقَّ مِنَ النَّحْرِ إِلَى مَرَاقِّ البَطْنِ، ثُمَّ غُسِلَ البَطْنُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ مُلِئَ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، وَأُتِيتُ بِدَابَّةٍ أَبْيَضَ، دُونَ البَغْلِ وَفَوْقَ الحِمَارِ: البُرَاقُ، فَانْطَلَقْتُ مَعَ جِبْرِيلَ ... » (*).
وروي (?) عن الحسن أن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ فِي الحِجْر، إذْ جَاءَنِي جِبْرِيلُ، فَهَمَزَنِي بِقَدَمِهِ، فَجَلَسْتُ فَلَمْ أرَ شَيْئًا فَعُدْتُ إلَى مَضْجَعِي، فَجَاءَنِي الثانيةَ فَهَمَزَنِي بِقَدَمِهِ، فَجَلَسْتُ، فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، فَعُدْتُ إلَى مَضْجَعِي فَجَاءَنِي الثَّالِثَةَ فَهَمَزَنِي بِقَدَمِهِ، فَجَلَسْتُ، فَأَخَذَ بِعَضُدِي، فَقُمْتُ مَعَهُ».
كما روى الإمام مسلم في باب الإسراء بكتاب الإيمان عن أنس بن مالك أن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «أُتِيتُ بِالبُرَاقِ، وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ فَوْقَ الحِمَارِ، وَدُونَ البَغْلِ، يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ»، قَالَ: «فَرَكِبْتُهُ