«فَالمُسْلِمُونَ عِنْدَهُمْ [نَقْلٌ مُتَوَاتِرٌ عَنْ نَبِيِّهِمْ بِأَلْفَاظِ القُرْآنِ وَمَعَانِيهِ المُتَّفَقِ عَلَيْهَا وَبِالسُّنَّةِ المُتَوَاتِرَةِ عَنْهُ] مِثْلُ: كَوْنِ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ وَالعِشَاءِ أَرْبَعًا، وَ [كَوْنِ] المَغْرِبِ ثَلاَثَ رَكَعَاتٍ، وَكَوْنِ الصُّبْحِ رَكْعَتَيْنِ وَمِثْلُ الجَهْرِ فِي العِشَائَيْنِ وَالفَجْرِ [وَالْمُخَافَتَةِ فِي الظُّهْرِ وَالعَصْرِ، وَمِثْلُ كَوْنِ الرَّكْعَةِ فِيهَا سَجْدَتَيْنِ]، وَكَوْنِ الطَّوَافِ بِالبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ سَبْعًا، وَرَمْيِ الجَمَرَاتِ كُلُّ وَاحِدَةٍ سَبْعُ حَصَيَاتٍ وَأَمْثَالُ ذَلِكَ» (?) (*).
ومع هذا فإن المتواتر المعنوي قد عده أصحاب هذا المصطلح ضمن أحاديث الآحاد مع كثرة رواته في الطبقات الثلاث، فمثلاً خطبة النبي في حجة الوداع تدخل ضمن المتواتر المعنوي، ولا يعدونها قطعية الثبوت.
إن النتائج المترتبة على هذا التقسيم قد تبدلت في عصرنا عن بعض الكُتَّابِ، فالذين أتوا باصطلاح الحديث المتواتر لم يرتبوا على هذا التقسيم رد سُنَّةِ الآحَادِ وعدم العمل بها، فهم متفقون على أن حديث الآحاد إذا رواه العدل الثقة وجب العمل به، ومنهم من قال إنه قطعي الثبوت (?).
وهذا يشمل أمور الدين كلها سواء كانت عقائد أم عبادات أم معاملات.
وكما اختلفوا في مسألة التواتر وشروطها، فقد اختلفوا في العمل بآحاديث الآحاد، إذا خالفت القرآن أو المتواتر من حديث النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فيرى أبو حنيفة ألا يعمل رواية بخلافه في الحياة العملية، ويرى مالك أنه إن خالف عمل أهل المدينة دل على عدم صحة نسبته إلى النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقال الجبائي: لا يعمل به إلا إذا رواه اثنان فأكثر، بينما يكتفي