بما يقال له: «العِلْمُ التَّجْرِيبِيُّ» وبأنهم لا يقبلون قضية إِلاَّ إذا أقاموا عليها الدليل الصحيح الصريح، وَقَدْ تَبَيَّنَ لكم أن هذه الفئة المتحاملة من الأجانب لا تسلك هذا الأسلوب الملتزم بِالحُجَّةِ وَالبُرْهَانِ تُجَاهَ تُرَاثِنَا، بل قد أقامت أَحْكَامًا على غاية الخطورة دون أن يكون لهم على كلامهم مُسْتَنَدٌ ولا ما يشبه أن يكون مُسْتَنَدًا، إنما هي كلمات سطحية وَدَعَاوَى خَالِيَةٌ، تابعهم عليها بعض المُنْبَهِرِينَ من أبناء جلدتنا، ثُمَّ يَتَبَجَّحُ بِالعِلْمِ، والنظريات العلمية ويلوك هذا في أثناء كلامه الذي قد يشتمل على أفحش الأخطاء في حق الإسلام أو الحديث النبوي.
والحقيقة أن هذا البعض مِنَ المُسْتَشْرِقِينَ الذين اشتهروا ما كان يمكن أن يشتهروا ويكون لهم شأن يذكر في بلاد الإسلام لولا أن بعض أبنائنا فَاجَؤُوا المسلمين ابتداء من مطلع القرن الهجري السابق بترداد تلك الآرَاءِ الشَاذَّةِ البَاطِلَةِ.
وإلا فإن الدارسين في دنيا الغرب الذين خبروا تلك المجتمعات العلمية قد تعجبوا لما حدث في بلاد الإسلام من ضجة كبيرة حول هؤلاء بالرد عليهم وكثرة البدء والإعادة في ذلك، حتى صاروا كَأَنَّ لَهُمْ شَأْنًا كَبِيرًا.
لكننا بسبب الانهزام الداخلي الذي وقعنا فيه تلك الفترة قفزنا بهم تلك القفزة. .؟، غير أننا لا نقصد بهذا إلى إغفال النقد العلمي، والمناقشة، كَلاَّ لكن يجب أن نعرف الأمور على حقيقتها وأن تكون واضحة في أذهاننا خُصُوصًا وقد تخلصنا الآن والحمد لله من رِقِّ تَقْلِيدِهِمْ ومن الانهزام الذي وقع فيه كثير من أبناء الطبقة السابقة علينا من بعض أهل الفكر المسلم، فقد أصبح عندنا الآن القناعة الكافية واليقين الراسخ بأن ما عندنا هو الحق واليقين وهو الأصل الذي يجب أَنْ تُبْنَى عليه القضايا والحقائق، كما أنه الخير الذي نقدمه للعالم ونود أن تستفيد منه الدنيا