الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على نَبِيِّنَا وَهَادِينَا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، المبعوث رحمة للعالمين من جاء بالشريعة الكاملة التي اختصت بِأَنْ تَكَفَّلَ المولى تبارك وتعالى بحفظها وسدادها إلى أَبَدِ الآبِدِينَ، - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ - ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً.
أما بعد:
فإنَّ هذا الموضوع: «السُنَّة المُطَهَّرَة والتحديات» دراسة علمية موضوعية، وعرض صادق أمين للخصوصية الكبرى التي اختص الله بها هذه الأمَّة وفضَّلها بالامتياز بها على سائر الأمم، وفي جميع العصور السابقة واللاحقة، تلك الخصوصية «حفظ الحديث النبوي» ذلك التراث الثري والحيوي الضخم الذي اختص اللهُ هذه الأُمَّةَ بأن حفظته غَضًّا طَرِيًّا مدى االعصور والأزمان، وعلى مَرِّ القرون والأجيال، وها نحن وقد انسلخ القرن الرابع عشر ودخلنا في الخامس عشر الهجري نقرأ حديث نَبِيِّنَا - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَسْمَعُهُ وَيُخْطَبُ بِهِ عَلَى المَنَابِرِ، وَيُذَاعُ على العالم جديدًا صحيحًا كما قاله ونطق به وكأنه صدر عنه الساعة، - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
إنَّ هذا الكنز العظيم الذي ظفرنا به وفزنا بنواله قد اجتاز في طريقه إلينا عقبات وتحديات ضخمة اعترضت طريق وصول السُنَّةِ النَّبَوِيَّةِ إلينا، وواجهت هذه الأمَّةُ المُؤْمِنَةُ حَامِلَةَ هذا الحديث وروايته، فاجتازتها أُمَّةُ الإسلام وتغلبت عليها بتوفيق من الله تعالى، وقدمت بذلك منذ اللحظات الأولى لعملها في الرواية البرهان على كمال هذا الإسلام وكفايته ووفائه بكل حاجات البشرية، ما كان منها موجودًا سابقًا وما يطرأ بَعْدُ مِنَ المُتَغَيِّرَاتِ لاَحِقًا.