ميزان النقد، وهو الخصوصية التي اختص اللهُ بها النقد الإسلامي على مناهج النقد في الدنيا، في قديم عصورنا وفي حديثها فإن هذا السند لا ينقل كَلاَمًا عَادِيًّا عن شخص عادي، بل ينقل عن صاحب الوحي الذي يُبَلِّغُ عن اللهِ تعالى، فَأَمْرُهُ هُوَ أَمْرُ اللهِ، وَنَهْيُهُ هُوَ نَهْيُ اللهِ، فمن البَدَهِيِّ أن نقول لمن يروي شَيْئًا من الحديث، مَا سَنَدُكَ فِي نَقْلِ هَذَا الكَلاَمِ.
بل أننا لنعتز بعناية علمائنا بنقد الأسانيد، بل بتقديم نقد الأسانيد على المتون في كثير من المواضع، وذلك لأن المتن في كثير من الأحيان ربما لا يشتمل على دلائل توحي بشيء يستدل به على صحة النص أو سقمه مِمَّا يجعل نقد السند متعينا وَمُقَدَّمًا لا محالة، على حين تبقى أفكار الناقد غير المسلم في مثل هذا الوضع حائرة في احتمالات الحدس والتخمين، أو ضالة في المتاهات واتجاهات الظنون والتخيلات.
لقد سبق أن واجه المُحَدِّثُونَ منذ القدم هذا الزعم، وعالجوه بالقواعد والقوانين الكافلة بوضع الأمر في نصابه مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ ادِّعَاءَ التعارض بالقواعد والقوانين إنما يأتي من عدم الفهم، أو من قلة التدبر في حقيقة المراد من النص، بل قد وجدنا أكثر من واحد يُورِدُونَ التعارض بين أحاديث لا أصل لها البتة، أو يعارضون حديثًا صحيحًا بحديث مختلق مصنوع.
وَنُفَضِّلُ الجَوَابَ عَلَى ذَلِكَ بِمَا يَلِي:
1 - إن ادِّعَاءَ التعارض أو الاستشكال على النصوص ليس بالأمر الصعب مهما بلغت من الدقة والإحكام ما دام فيها ما ليس منه بُدٌّ، من عام