الحديث فنجد في تعريف الحديث الصحيح والحسن أنه يشترط فيهما شرطان أساسيان لقبول الحديث هما: سلامته من أن يكون شَاذًّا أَوْ مُعَلاًّ، ثم ننظر في شرح التعريف فنجدهم يقولون: إن الشذوذ قسمان: شذوذ السند وشذوذ المتن، وكذلك العلة قسمان: علة في السند وعلة في المتن. وهي حقيقة مقررة يعرفها صغار طلبة العلم، فهل في الدنيا عاقل يصدق بعد هذا أنهم ينتقدون الإسناد فقط، ولا ينتقدون المتون.
2 - إن نظرة إلى الصفحات الأولى من كتب هذا العلم لو كلف احدهم نفسه أن يمر بمكتبة ويتناول كتابًا في مصطلح الحديث ويقرأ قليلا من أوله، لوجد أمامه تعريف هذا العلم بما يبين حقيقة هذه القضية لأنه سيجدهم يُعَرِّفُونَهُ بِأَنَّهُ «عِلْمٌ بِقَوَانِينَ يُعْرَفُ بِهَا أَحْوَالَ السَّنَدِ وَالمَتْنِ مِنْ حَيْثُ القَبُولِ أَوْ الرَدِّ» (?).
فأين هي النظرة الشكلية التي تنظر للإسناد دون المتن أم أنهما قرينان لا ينفصل أحدهما عن الآخر في أي أصل من هذا العلم، وهل يا ترى لو اطلع قائل هذا الزعم على كتاب في أصول الحديث هل كان يجتريء أن يقول قولته؟ أم أن الأمر عنده سيان؟.
3 - إنا نجد عند المُحَدِّثِينَ قاعدة أدق وأبلغ وهي قاعدة متفق عليها بينهم جميعا يقررون فيها: أنه قد يَصِحُّ السند ولا يصح المتن لِشُذُوذٍ أَوْ عِلَّةٍ، وقد يصح المتن ولا يصح السند لورود دلائل على صحة المتن من طرق أخرى، وهذا مُقَرَّرٌ في كل مراجع هذا الفن وليس هو من المعلومات النادرة وذلك يدل بما لا يدع مجالاً للشك على أَنَّ المُحَدِّثِينَ احتاطوا من النظرة الشكلية القاصرة، وأنهم احتاطوا لكل احتمال، وأعدوا له العدة في منهج موضوعي، شامل ومتعمق أَيْضًا