التاريخ نفسه باحتكاك العالم الإسلامي الراقد في سِنَةِ الغَفْوَةِ مع الشرق والغرب، ونتيجة الصِدَامِ العَسْكَرِيِّ، ومحاولات الاستعمار للغزو الفكري الذي يفوق في الواقع فِي خُبْثَهُ وَخَطَرِهِ كل خطر فأخذت تَتَرَدَّدُ منذ ذلك الوقت وتتكرر دسائس وأباطيل حول السُنَّةِ أثارها مستشرقون مغرضون متحاملون، وَتَلَقَّفَهَا، وَيَا لِلأَسَفِ بعض أبنائنا من المُنْبَهِرِينَ بحضارة الأجنبي وَالمُغْتَرِّينَ بزخارفها وزينتها، وصاروا يدندنون بما تلقفوا من آراء بعض المُسْتَشْرِقِينَ المُتَحَامِلِينَ وَيُرَدِّدُونَ، دون علم منهم بما في هذه المقالات من عظيم البُهْتَانِ وَزَيْفِ البَاطِلِ المُخْتَلَقِ أَوْ تَوَهُّمٍ وَوِسْوَاسِ الجَاهِلِ بِأَمْرِ هَذَا العِلْمْ ومنهجه المتعمق والمتكامل.

وقد نهض علماء الإسلام في هذا العصر أَيْضًا بواجبهم وَتَصَدُّوا لهذه المحاولات، وَصَنَّفُوا فِي الرَدِّ على هذه الأباطيل والافتراءات أَبْحَاثًا قَيِّمَةً مفيدة، أَدُّوا بها واجب الأمانة والعلم أجزل اللهُ مَثُوبَتَهُمْ وأينعت جهودهم ثِمَارًا عظيمة الفائدة أَمَدَّتْ مكتبة العلوم الإِسْلاَمِيَّة بِزَادٍ جديد على غاية الأهمية تَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنْهُمْ.

ونحن في موقفنا هنا نَوَدُّ أَنْ نتعرض لبعض قضايا هذه الإثارات تمس الحاجة إليها ولعلها قد ترددت هنا في آونة أخيرة في بعض المناسبات وهي استشكالات تختلف عن كثير مِمَّا نوقش وقدم الرَدَّ عليه لأنها تمس تكوين منهج المُحَدِّثِينَ بكليته وليست تقتصر على أمور جزئية منه.

وَأُلَخِّصُ هذه القضايا التي أَوَدُّ أَنْ أتناولها بالمناقشة بعبارات عن المستشرق اليهودي جولدتسهير المتحامل على الإسلام في الشرق والغرب، وتبعه ليون بورشيه في كتابه " دِرَاسَاتٌ في السُنَّةِ الإِسْلاَمِيَّة " مع بعض عبارات وأفكار مِمَّا صدر عن بعض الأقدمين وَالعَصْرِيِّينَ المُتَأَثِّرِينَ بالفلسفة اليونانية أو العقلية المادية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015