تَفْرِيقُ الْخُمُسِ، وَخُمُسِ الْخُمُسِ قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ: قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ، فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى، وَالْيَتَامَى، وَالْمَسَاكِينِ، وَابْنِ السَّبِيلِ} [الأنفال: 41] وَقَوْلُهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِلَّهِ ابْتِدَاءُ كَلَامٍ؛ لِأَنَّ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا لِلَّهِ وَلَعَلَّهُ إِنَّمَا اسْتَفْتَحَ الْكَلَامَ فِي الْفَيْءِ وَالْخُمُسِ بِذِكْرِ نَفْسِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِأَنَّهُمَا أَشْرَفُ الْكَسْبِ وَلَمْ يَنْسُبِ الصَّدَقَةَ إِلَى نَفْسِهِ لِأَنَّهَا أَوْسَاخُ النَّاسِ، وَاللهُ أَعْلَمُ، وَقَدْ قِيلَ: بَلْ يُؤْخَذُ مِنَ الْغَنِيمَةِ شَيْءٌ فَيُجْعَلُ لِلْكَعْبَةِ وَهُوَ السَّهْمُ الَّذِي لِلَّهِ، وَسَهْمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْإِمَامِ يَشْتَرِي مِنْهُ الْكُرَاعَ، وَالسِّلَاحَ وَيُعْطِي مِنْهُ مَنْ رَأَى مِمَّنْ فِيهِ غَنَاءٌ، وَمَنْفَعَةٌ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ وَالْعِلْمِ، وَالْفِقْهِ وَالْقُرْآنِ، وَسَهْمٌ لِذِي الْقُرْبَى وَهُمْ بَنُو هَاشِمٍ، وَبَنُو الْمُطَّلِبِ، سَهْمُ الْغَنِيِّ مِنْهُمْ وَالْفَقِيرِ وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ لِلْفَقِيرِ مِنْهُمْ دُونَ الْغَنِيِّ وَالْيَتَامَى وَابْنِ السَّبِيلِ وَهُوَ أَشْبَهُ الْقَوْلَيْنِ فِي الصَّوَابِ وَاللهُ أَعْلَمُ وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ؛ لَأَنَّ اللهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ جَعَلَ ذَلِكَ لَهُمْ وَقَسَّمَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ فَضَّلَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَلَا خِلَافَ نَعْلَمُهُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي رَجُلٍ لَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِبَنِي فُلَانٍ أَنَّهُ بَيْنَهُمْ، وَأَنَّ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاءٌ إِذَا كَانُوا يُحْصُونَ فَهَكَذَا كُلُّ شَيْءٍ صِيرَ لِقَوْمٍ، فَهُوَ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ إِلَّا أَنْ يُبَيَّنَ ذَلِكَ الْآمِرُ بِهِ، وَاللهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ، وَسَهْمٌ لِلْيَتَامَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَسَهْمٌ لِلْمَسَاكِينِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَسَهْمٌ لِابْنِ السَّبِيلِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يُعْطَى أَحَدٌ مِنْهُمْ سَهْمَ مِسْكِينٍ، وَلَا سَهْمَ ابْنِ السَّبِيلِ، وَقِيلَ لَهُ: خُذْ بِأَيِّهِمَا شِئْتَ وَالْأَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسِ يَقْسِمُهَا الْإِمَامُ بَيْنَ مَنْ حَضَرَ الْقِتَالَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الْبَالِغِينَ