وقَد أخبرَنا أبو عبدِ اللهِ الحافظُ، حدثنا أبو العباسِ محمدُ بنُ يَعقوبَ،
أخبرَنا الرَّبيعُ بنُ سُلَيمانَ قال: قال الشّافِعيُّ: قال بَعضُ النّاسِ: قَد رُوِّينا
قَولَنا عن عليٍّ -رضي الله عنه- به. قال الشّافِعيُّ: قُلتُ: رَواه الزَّعافِرِيُّ عن الشَّعبِيِّ عن
عليٍّ -رضي الله عنه-، وقَد أخبرَنا أصحابُ جَعفَرِ بنِ محمدٍ عن أبيه أن عَليًّا -رضي الله عنه- قال:
القَطعُ في رُبُعِ دينارٍ فصاعِدًا. وحَديثُ جَعفَرٍ عن عليٍّ أولَى أن يَثبُتَ مِن
حَديثِ الزَّعافِرِيِّ. قال: فقَد رُوِّينا عن ابنِ مَسعودٍ -رضي الله عنه- أنَّه قال: لا تُقطَعُ اليَدُ
إلا في عَشَرَةِ دَراهِمَ. قُلنا: فقَد رَوَى الثورِيُّ عن عيسَى بنِ أبي عَزَّةَ عن
الشَّعبِيِّ عن ابنِ مَسعودٍ أن رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَطَعَ سارِقًا في خَمسَةِ دَراهِمَ. وهَذا
أقرَبُ أن يَكونَ صَحيحًا عن عبدِ اللهِ مِن حَديثِ المَسعودِيِّ عن القاسِمِ عن
عبدِ اللهِ. قال: فكَيفَ لَم تأخُذوا بهَذا؟ قُلنا: هذا حَديثٌ لا يُخالِفُ حَديثَنا؛
إذا قَطَعَ في ثَلاثَةِ دَراهِمَ قَطَعَ في خَمسَةٍ أو أكثَرَ. قال: فقَد رُوِّينا عن عُمَرَ بنِ
الخطابِ -رضي الله عنه- أنَّه لَم يَقطَعْ في ثَمانيَةٍ (?). قال الشّافِعِيُّ: رِوايَتُه عن عُمَرَ -رضي الله عنه-
غَيرُ صَحيحَةٍ، وقَد رَوَى مَعمَرٌ عن عَطاءٍ الخُراسانِيِّ عن عُمَرَ -رضي الله عنه-: القَطعُ في
رُبُعِ دينارٍ فصاعِدًا. فلَم نَرَ أن نَحتَجَّ به؛ لأنَّه لَيسَ بثابِتٍ، ولَيسَ لأحَدٍ مَعَ
رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- حُجَّةٌ، وعَلَى المُسلِمينَ اتِّباعُ أمرِه. قال الشّافِعِيُّ: فلا إلَى
حَديثٍ صَحيحٍ ذَهَبَ مَن خالَفَنا، ولا إلَى ما ذَهَبَ إلَيه مَن تَرَكَ الحديثَ
واستَعمَلَ ظاهِرَ القُرآنِ (?).