بالبَصرَةِ، قال: غُمَّ أبى غَمًّا شَديدًا فقالَ: انطَلِقْ- لا أبا لَكَ- إلَى هذا الرَّجُلِ
مِن أصحابِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، إلَى أبى بَرْزَةَ الأسلَمِىِّ. قال: فانطَلَقتُ مَعَه
حَتَّى دَخَلنا عَلَيه فى دارِه، فإِذا هو قاعِدٌ فى ظِلِّ عُلْوٍ له مِن قَصَبٍ فى يَومٍ حارٍّ
شَديدِ الحَرِّ، فجَلَسنا إلَيه، فأنشأ أبى يَستَطعِمُه قال: يا أبا بَرْزَةَ ألا تَرَى؟ ألا
تَرَى؟ قال: فكانَ أوَّلَ شَىءٍ تَكَلَّمَ به أن قال: إنِّى أحتَسِبُ عِندَ اللهِ أنِّى
أصبَحتُ ساخِطًا على أحياءِ قُرَيشٍ؛ إنَّكُم مَعشَرَ العُرَيبِ كُنتُم على الحالِ التى
قَد عَلِمتُم فى جاهِليَّتِكُم مِنَ القِلَّةِ والذِّلَّةِ والضَّلالَةِ، وإِنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ
نَعَشَكُم (?) بالإسلامِ وبِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَلَغَ بكُم ما تَرَونَ، وإِنَّ هذه الدُّنيا التى
أفسَدَت بَينَكُم؛ إنَّ ذاكَ الَّذِى بالشّامِ- يَعنِى مَروانَ- واللهِ ما يُقاتِلُ إلَّا على
الدُّنيا، وِإنَّ ذاكَ الَّذِى بمَكَّةَ واللهِ إنْ يُقاتِلُ إلَّا على الدُّنيا، وإِنَّ الَّذينَ حَولَكُمُ
الَّذينَ تَدعونَهُم قُرّاءَكُم واللهِ إنْ يُقاتِلونَ إلَّا على الدُّنيا. قال: فلَمّا لَم يَدَعْ
أحَدًا قال له أبى: فما تأمُرُنا إذن؟ قال: إنِّى لا أرَى خَيرَ النّاسِ اليَومَ إلَّا
عِصابَةً مُلبِدَةً (?) - وقالَ بيَدِه- خِماصَ البُطونِ (?) مِن أموالِ النّاسِ، خِفافَ
الظُّهورِ مِن دِمائهِم (?). أخرَجَه البخارىُّ فى "الصحيح" مِن حَديثِ عَوفٍ
الأعرابِىِّ (?).