فأَخَذَه النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فنَظَرَ فيه فقالَ: "قَد كَتَبَ لَكَ بالَّذِى أمَرتُ لَكَ به". فذَكَرَ

الحديثَ، ثُمَّ قال رسولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "مَن سأَلَ مَسأَلَةً وهو مِنها غَنِيٌّ، فإنَّما يَستَكثِرُ

مِنَ النَّارِ". قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، وما الغِنَى الَّذِى لا يَنبَغِى مَعَه المَسأَلَةُ؟ قال:

"أن يَكونَ له شِبَعُ يَومٍ ولَيلَةٍ أو لَيلَة ويَومٍ" (?).

ولَيسَ شَىءٌ مِن هذه الأحاديثِ بمُختَلِفٍ، فكأَنَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِمَ ما يُغنِى

كُلَّ واحِدٍ مِنهُم، فجَعَلَ غِناه به؛ وذَلِكَ لأنَّ النَّاسَ يَختَلِفونَ فى قَدرِ

كِفاياتِهِم؛ فمِنهُم مَن يُغنيه خَمسونَ دِرهَمًا لا يُغنيه أقَلُّ مِنها، [ومِنهُم مَن

يُغنيه أربَعونَ دِرهَمًا لا يُغنيه أقَلُّ مِنها] (?)، ومِنهُم مَن له كَسبٌ يَدِرُّ عَلَيه كُلّ يَومٍ

ما يُغَدّيه ويُعَشّيه، ولا عيالَ له، فهو مُستَغنٍ بهِ.

13342 - وذَلِكَ بَيِّنٌ فيما أخبرَنا أبو عبدِ اللَّهِ الحافظُ وأبو سعيدِ ابنُ أبى

عمرٍو قالا: حَدَّثَنَا أبو العباسِ محمدُ بنُ يَعقوبَ، حَدَّثَنَا يَحيَى بنُ أبى طالِبٍ،

أخبرَنا عبدُ الوَهَّابِ بنُ عَطاءٍ، أخبرَنا الأخضَرُ بنُ عَجلانَ، حَدَّثَنِي أبو بكرٍ

الحَنَفِيُّ، عن أنَسِ بنِ مالكٍ قال: جاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِىِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فشَكا إلَيه الفاقَةَ،

ثُمَّ رَجَعَ [فقالَ: يا رسولَ اللَّهِ، لَقَد جِئتُكَ مِن عِندِ أهلِ بَيتٍ ما أُرانِى أرجِعُ

إلَيهِم حَتَّى يَموتَ بَعضُهُم. قالَ] (?): فقالَ لى: "انطَلِقْ حَتَّى تَجِدَ مِن شَىءٍ". قال:

فانطَلَقَ فجاءَ بحِلسٍ (?) وقَدَحٍ فقالَ: يا رسولَ اللَّه، هَذا الحِلسُ كانوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015