وكَذا صاعًا مِن تَمرٍ. قال: "قَد أخَذتُه". وما استَقصَى، فأخَذَ بخِطامِ الجَمَلِ

فذَهَبَ به حَتَّى تَوارَى في حيطانِ المدينَةِ، فقالَ بَعضُنا لِبَعضٍ: تَعرِفونَ

الرَّجُلَ؟ فلَم يَكُنْ مِنّا أحَدٌ يَعرِفُه، فلامَ القَومُ بَعضُهُم بَعضًا وقالوا: تُعطونَ

جَمَلَكُم مَن لا تَعرِفونَ! فقالَتِ الظَّعينَةُ: فلا تَلاوَموا، فلَقَد رأينا وجهَ رَجُلٍ

لا يَغدِرُ بكُم، ما رأيتُ شَيئًا أشبَهَ بالقَمَرِ لَيلَةَ البَدرِ مِن وجهِه. فلَمّا كان العَشِىُّ

أتانا رَجُلٌ فقالَ: السَّلامُ عَلَيكُم ورَحمَةُ اللهِ، أأنتُم الَّذينَ جِئتُم مِنَ الرَّبَذَةِ؟

قُلنا: نَعَم. قال: أنا رسولُ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إليكمُ، وهو يأمُرُكُم أنْ تأكُلُوا مِن

هذا التَّمرِ حَتَّى تَشبَعوا، وتَكتالوا حَتَّى تَستَوفوا. فأكَلْنا مِنَ التَّمرِ حَتَّى شَبِعْنا،

واكتَلْنا حَتَّى استَوفَينا، ثُمَّ قَدِمْنا المَدينَةَ مِنَ الغَدِ، فإِذا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قائمٌ

يَخطُبُ النّاسَ على المِنبَرِ، فسَمِعتُه يقولُ: "يَدُ المُعطِى العُليا، وابدأ بمَن تَعولُ؛

أُمَّكَ وأباكَ، وأُختَكَ وأخاكَ، وأدناكَ أدناكَ". وثَمَّ رَجُلٌ مِنَ الأنصارِ،

فقالَ: يا رسولَ اللهِ، هَؤُلاءِ بَنو ثَعلَبَةَ بنِ يَربوعٍ الَّذينَ قَتَلُوا فُلانًا في

الجاهِليَّةِ، فخُذ لَنا بثأرِنا. فرَفَعَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَيه حَتَّى رأيتُ بَياضَ إبْطَيه

فقالَ: "لا تَجنِي أُمٌّ على ولَدٍ، لا تَجنِي أُمٌّ على ولَد" (?). وذَكَرَ الحديثَ.

ورَواه أيضًا أبو جَنابٍ الكَلبِىُّ عن جامِعِ بنِ شَدّادٍ (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015