ابنُ سلمةَ، حدثنا إسحاقُ بنُ إبراهيمَ وهَنّادُ بنُ السَّرِيِّ، قال إسحاقُ: أخبرَنا، وقالَ هَنّادٌ: حدثنا أبو مُعاويَةَ، عن هِشامِ بنِ عُروةَ، عن أبيه، عن عائشةَ قال: قُلتُ: إنِّي لأظُنُّ أن رَجُلًا لَو تَرَكَ الصَّفا والمَروَةَ لَم يَضُرَّه. قالَت: ولِمَ؟ قُلتُ: إنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ يقولُ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}. قالَت: يا ابنَ أُختِى لَو كانَت كما تَقولُ لَكانَ: فلا جُناحَ عَلَيه ألا يَطَّوَّفَ بهِما. ما أتَمَّ اللَّهُ حَجَّ امرِئٍ ولا عُمرَتَه لَم يَطُفْ بَينَ الصَّفا والمَروَةِ، أتَدرِى فيم كان ذَلِكَ؟ كانَتِ الأنصَّارُ يُهِلّونَ في الجاهِليَّةِ لِصَنَمٍ على شاطِئ البحرِ، ثُمَّ يَجيئونَ فيَطوفونَ بَينَ الصَّفا والمَروَةِ فيَحلِقونَ، فلَمّا جاءَ الإسلامُ كَرِهوا أن يَطوفوا بَينَهُما لِلَّذِى كانوا يَصنَعونَ بَينَهُما في الجاهِليَّةِ، فأنزَلَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}. فعادَ النّاسُ فطافوا (?). رَواه مسلمٌ في "الصحيح" عن يَحيَى بنِ يَحيَى، كَذا قال أبو مُعاويَةَ، عن هِشامٍ: إنَّ الآيَةَ نَزَلَت في الَّذينَ كانوا يَطوفونَ بَينَ الصَّفا والمَروَةِ في الجاهِليَّةِ (?).
وَرَواه أبو أُسامَةَ عن هِشامٍ نَحوَ رِوايَةِ مالكٍ في أنَّها نَزَلَت فيمَن لا يَطَّوَّفُ بَينَهُما، ويَحتَمِلُ أن يَكونَ كِلاهُما صَحيحًا (?).