فهَذا حَديثٌ صَحيحٌ، وإِنَّما أرادَ أنَسُ بنُ مالكٍ بقَولِه: فأَقَمنا بها عَشرًا. أي بمَكَّةَ ومِنًى وعَرَفاتٍ، وذَلِك لأنَّ الأخبارَ الثّابِتَةَ تَدُلُّ على أنَّ رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدِمَ مَكَّةَ في حَجَّتِه لأربَعٍ خَلَونَ مِن ذِى الحِجَّةِ، فأَقامَ بها ثَلاثًا يَقصُرُ، ولَم يَحسِبِ اليَومَ الَّذِى قَدِمَ فيه مَكَّةَ؛ لأنَّه كان فيه سائرًا، ولا يَومَ التَّرويَةِ؛ لأنَّه خارِجٌ فيه إلَى مِنًى، فصَلَّى بها الظُّهرَ والعَصرَ والمَغرِبَ والعِشاءَ والصُّبحَ، فلَمّا طَلَعَتِ الشَّمسُ سارَ مِنها إلَى عَرَفاتٍ، ثُمَّ دَفَعَ مِنها حينَ غَرَبَتِ الشَّمسُ حَتَّى أتَى المُزدَلِفَةَ، فباتَ بها لَيلَتَئذٍ (?) حَتَّى أصبَحَ، ثُمَّ دَفَعَ مِنها حَتَّى أتَى مِنًى فقَضَى بها نُسُكَه، ثُمَّ أفاضَ إلَى مَكَّةَ فقَضَى بها طَوافَه، ثُمَّ رَجَعَ إلَى مِنًى فأَقامَ بها ثَلاثًا يَقصُرُ، ثُمَّ نَفَرَ مِنها فنَزَلَ بالمُحَصَّبِ (?) وأَذَّنَ في أصحابِه بالرَّحيلِ، وخَرَجَ فمَرَّ بالبَيتِ فطافَ به قَبلَ صَلاةِ الصُّبحِ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى المَدينَةِ، فلَم يُقِمْ - صلى الله عليه وسلم - في مَوضِعٍ واحِدٍ أربَعًا يَقصُرُ، وهَذا كُلُّه مَوجودٌ في المَجموعِ مِن رِواياتِ ابنِ عباسٍ وعائشَةَ وجابِرِ بنِ عبدِ اللَّهِ وأَنَسِ بنِ مالكٍ وغَيرِهِم في قِصَّةِ الحَجِّ، وتِلكَ الرِّواياتُ بسياقِها تَرِدُ بمَشيئَةِ اللَّهِ في كِتابِ الحَجِّ (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015