تَعظيمُ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ فعَلَّمَهُموه رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فيَحفَظُه أَحَدُهُم على لَفظٍ، ويَحفَظُه الآخَرُ على لَفظٍ يُخالِفُه لا يَختَلِفانِ فى مَعنًى، فلعلَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَجازَ لِكُلِّ امرِئٍ مِنهُم كما حَفِظَ، إِذ كان لا مَعنَى فيه يُحيلُ شَيئًا عن حُكمِه (?).
واستَدَلَّ على ذَلِكَ بحَديثِ حُروفِ القُرآنِ.
قالَ الشافعىُّ رحِمه اللَّهُ: أخبرَنا مالكٌ، عن ابنِ شِهابٍ، عن عُروَةَ بنِ الزُّبَيرِ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ عَبدٍ القارِىِّ قال: سَمِعتُ عمرَ بنَ الخَطّابِ يقولُ: سَمِعتُ هِشامَ بنَ حَكيمِ بنِ حِزامٍ يَقرأُ سورَةَ "الفُرقانِ" على غَيرِ ما أَقرؤُها، وكانَ النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَقرأَنيها، فكِدتُ أَن أَعجَلَ عليه، ثم أَمهَلتُه حَتَّى انصَرَفَ، ثم لَبَّبتُه برِدائِه، فجِئتُ به إلى رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فقُلتُ: يا رسولَ اللَّهِ إِنِّى سَمِعتُ هذا يَقرأُ سورَةَ "الفُرقانِ" على غَيرِ ما أَقرأتَنيها. فقالَ له رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اقرأْ". فقَرأ القراءةَ الَّتِى سَمِعتُه يَقرأُ، فقالَ رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هَكَذا أُنزِلَت". ثم قال لى: "اقرأْ". فقَرأتُ فقالَ: "هَكَذا أُنزِلَت، إن هذا القُرآنَ أُنزِلَ على سَبعَةِ أَحرُفٍ، فاقرَءوا ما تَيَسَّرَ مِنه" (?). قال الشافعىُّ رحِمه اللَّهُ: فإِذا كان اللَّهُ برأفَتِه بخَلقِه أَنزَلَ كِتابَه على سَبعَةِ أَحرُفٍ، مَعرِفَةً مِنه بأَنَّ الحِفظَ قَد يَزِلُّ (?) ليُحِلَّ (?) لَهُم قراءتَه وإِنِ اختَلَفَ لَفظُهُم فيه -