قالَ أبو بكرِ ابنُ إسحاقَ الفَقيهُ: هَذِه عِلَّةٌ لا تَسوَى سَماعَها (?)؛ لأَنَّ رَفعَ اليَدَينِ قَد صَحَّ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ثم عن الخُلَفاءِ الرّاشِدينَ، ثم عن الصَّحابَةِ والتّابِعينَ، ولَيسَ في نِسيانِ عبدِ اللَّهِ بنِ مَسعودٍ رَفعَ اليَدَينِ ما يوجِبُ أنَّ هَؤُلاءِ الصَّحابَةَ - رضي الله عنهم - لم يَرَوُا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَفَعَ يَدَيه؛ قَد نَسِىَ ابنُ مَسعودٍ مِنَ القُرآنِ ما لم يَختَلِفِ المُسلِمونَ فيه بَعدُ، وهِىَ المُعَوِّذَتانِ، ونَسِىَ ما اتَّفَقَ العُلَماءُ كُلُّهُم على نَسخِه وتَركِه مِنَ التَّطبيقِ، ونَسِىَ كَيفيَّةَ قيامِ اثنَينِ خَلفَ الإمامِ، ونَسِىَ ما لم يَختَلِفِ العُلَماءُ فيه أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى الصُّبحَ يَومَ النَّحرِ في وقتِها، ونَسِىَ كَيفيَّةَ جَمْعِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بعَرَفَةَ، ونَسِىَ ما لم يَختَلِفِ العُلَماءُ فيه مِن وضعِ المِرفَقِ والسّاعِدِ على الأرضِ في السُّجودِ، ونَسِىَ كَيفَ كان يَقرأُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} [الليل: 3]. وإِذا جازَ على عبدِ اللَّهِ أن يَنسَى مِثلَ هذا في الصَّلاةِ خاصَّةً، كَيفَ لا يَجوزُ مِثلُه في رَفعِ اليَدَينِ؟ !

أخبرَنا أبو سعيدِ ابنُ أبي عمرٍو، حدَّثَنا أبو العباسِ محمدُ بنُ يَعقوبَ، أخبرَنا الرَّبيعُ بنُ سليمانَ قالَ: قُلتُ لِلشّافِعِىِّ: ما مَعنَى رَفعِ اليَدَينِ عندَ الرُّكوعِ؟ فقالَ: مِثلُ مَعنَى رَفعِهِما عندَ الافتِتاحِ، تَعظيمًا للَّهِ، وسُنَّةً مُتَّبَعَةً يُرجَى فيها ثوابُ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ، ومِثلُ رَفعِ اليَدَينِ على الصَّفا والمَروَةِ وغَيرِهِما (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015