خالِدٍ يَعنِى ابنَ يَزيدَ، عن سعيدِ بنِ أبى هِلالٍ، عن عُمارَةَ بنِ غَزيَّةَ، عن
محمدِ بنِ إبراهيمَ، عن أبى سَلَمَةَ بنِ عبدِ الرَّحمَنِ، عن عائشةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، أنَّ
رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "اهجُوا قُرَيشًا؛ فإِنَّه أشَدُّ عَلَيها مِن رَشْقِ النَّبْلِ". فأرسَلَ إلَى
ابنِ رَواحَةَ، فقالَ: "اهجُ". فهَجاهُم فلَم يُرْضِ، فأرسَلَ إلَى كَعبِ بنِ مالكٍ،
ثُمَّ أرسَلَ إلَى حَسَّانَ بنِ ثابِتٍ، فلَمَّا دَخَلَ عَلَيه قال حَسَّانُ: قَد آنَ لَكُم أنْ
تُرسِلوا إلَى هذا الأسَدِ الضَّارِبِ (?) بذَنَبِه. ثُمَّ أدلَعَ لِسانَه فجَعَلَ يُحَرِّكُه، ثُمَّ
قال: والَّذِى بَعَثَكَ بالحَقِّ لأَفرِيَنَّهُم بلِسانِى فرْىَ الأديمِ، فقالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
"لا تَعجَلْ فإِنَّ أبا بكرٍ أعلمُ قُرَيشٍ بأنسابِها، وإِنَّ لِى فيهِم نَسَبًا؛ حَتَّى يُخلَصَ لَكَ
نَسَبِى". فأتاه حَسَّانُ ثُمَّ رَجَعَ، فقالَ: يا رسولَ اللهِ، قَد مَحَضَ لِى نَسَبَكَ.
والَّذِى بَعَثَكَ بالحَقِّ لأسُلَّنَكَ مِنهُم كما تُسَلُّ الشَعرَةُ مِنَ العَجينِ. قالَت
عائشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: فسَمِعتُ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ لِحَسَّانَ: "إنَّ روحَ القُدُسِ لا يَزالُ
يُؤَيِّدُكَ ما نافَحتَ عن رسولِ اللهِ". وقالَت: سَمِعتُ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ:
"هَجاهُم حَسّانُ فشَفَى واشتَفَى". فقالَ حَسَّانُ:
هَجَوتَ محمدًا فأجَبتُ عنه ... وعِندَ اللهِ فى ذاكَ الجَزاءُ
هَجَوتَ محمدًا بَرًّا حَنيفًا ... رسولَ اللهِ شيمَتُه الوَفاءُ
فإِنَّ أبى ووالِدَه وعِرضِى ... لِعِرضِ محمدٍ مِنكُم وِقاءُ
ثَكِلتُ بُنَيَّتِى إنْ لَم تَرَوها ... تُثيرُ النَّقْعَ مَوعِدُها كَداءُ