يُنتِنَ حائطِى مِن جيفَتِكَ لَهَيّأتُ ما قَد قَتَلَكَ، وإِنّا لَولا أن تُنتِنَ بَلادُنا
مِن جيَفِكُم (?) لَكُنّا قَد قَتَلناكُم بالأمسِ. قال له المُغيرَةُ: هَل تَدرِى ما قال
الثَّعلَبُ لِرَبِّ البُستانِ؛ قال: ما قال له؛ قال: قال له: يا رَبَّ البُستانِ، أن
أموتَ فى حائطِكَ ذا بَينَ الرَّياحينِ أحَبُّ إلَىَّ مِن أن أخرُجَ إلَى أرضٍ قَفرٍ لَيسَ
بها شَىءٌ. وإِنَّه واللَّهِ لَو لَم يَكُنْ دين وقَد كُنّا مِن شَقاءِ العَيشِ فيما ذَكَرتُ لَكَ
ما عُدنا فى ذَلِكَ الشَّقاءِ أبَدًا حَتَّى نُشارِكَكُم فيما أنتُم فيه أو نَموتَ، فكَيفَ بنا
ومَن قُتِلَ مِنّا صارَ إلَى رَحمَةِ الله وجَنَّتِه، ومَن بَقِىَ مِنّا مَلَكَ رِقابَكُم؟ ! قال
جُبَيرٌ: فأَقَمْنا عَلَيهِم يَومًا لا نُقاتِلُهُم ولا يُقاتِلُنا القَومُ. قال: فقامَ المُغيرَةُ إلَى
النُّعمانِ بنِ مُقَرِّنٍ فقالَ: يا أئها الأميرُ إنَّ النَّهارَ قَد صَنَعَ ما تَرَى، واللَّهِ لَو
وُلّيتُ مِن أمرِ الناسِ مِثلَ الَّذِى وُتيتَ مِنهُم لألحَقتُ النّاسَ بَعضَهُم ببَعضٍ
حَتَّى يَحكُمَ اللهُ بَينَ عِبادَه بما أحَبَّ. فقالَ النُّعمانُ: رُبَّما أشهَدَكَ اللَّهُ مِثلَها ثُمَّ
لَم يُنَذَمْكَ ولَم يُخزِكَ، ولَكِنَى شَهِدتُ مَعَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَثيرًا، كان إذا لَم
يُقاتِلْ فى أوَّلِ النَّهارِ انتَظَرَ حَتَّى تَهُبَّ الأرواحُ وتَحضُرَ الصَّلَواتُ (?)، ألا أيُّها
النّاسُ إنِّى لَستُ لِكُلِّكُم أُسمِعُ، فانظُروا إلَى رايَتِى هذه فإِذا حَرَّكتُها
فاستَعِدّوا، مَن أرادَ أن يَطعُنَ برُمحِه فليُيَسِّرْ رُمحَه (?)، ومَن أرادَ أن يَضرِبَ
بعَصاه فليُيَسِّرْ عَصاه، ومَن أراد أن يَطعُنَ بخِنجَرِه فليُيَسِّرْه، ومَن أرادَ أن
يَضرِبَ بسَيفِه فليُيَسِّرْ سَيفَه، ألا يا أيُّها النّاسُ إنِّى مُحَرِّكُها الثّانيَةَ فاستَعِدّوا،