إصبَعَيه، فقالَ: ما عَدا عيسَى ابنُ مَريَمَ ما قُلتَ هذا العُوَيدَ. ثُمَّ ذَكَرَ
الحديثَ، قالَت: فلَم يَنشَبْ أن خَرَجَ عَلَيه رَجُل مِنَ الحَبَشَةِ يُنازِعُه في
مُلكِه، فواللهِ ما عَلِمتُنا حَزِنَّا حُزنًا قَطّ كان أشَدَّ مِنه؛ فرَقًا مِن أن يَظهَرَ
ذَلِكَ المَلِكُ عَلَيه، فيأتِيَ مَلِك لا يَعرِفُ مِن حَقِّنا ما كان يَعرِفُ، فجَعَلنا
نَدعو اللهَ ونَستَنصِرُه لِلنَّجاشِىِّ، فخَرَجَ إلَيه سائرًا، فقالَ أصحابُ
رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعضهُم لِبَعضٍ: مَن رَجُلٌ يَخرُجُ فيَحضُرَ الوَقعَةَ حَتَّى
يَنظُرَ على مَن تكونُ؟ فقالَ الزُّبَيرُ وكانَ مِن أحدَثِهِم سِنًّا: أنا. فنَفَخوا له
قِربَةً، فجَعَلَها في صَدرِه، ثُمَّ خَرَجَ يَسبَحُ عَلَيها في النّيلِ حَتَّى خَرَجَ مِنَ
الشِّقَّةِ الأُخرَى إلَى حَيثُ التَقَى النّاسُ، فحَضَرَ الوَقعَةَ فهَزَمَ اللهُ ذَلِكَ
المَلِكَ وقَتَلَه، وظَهَرَ النَّجاشِيُّ عَلَيه، فجاءَنا الزُّبَيرُ فجَعَلَ يُليحُ (?) إلَينا
برِدائِه، ويَقولُ: ألا أبشِروا، فقَد أظهَرَ الله النَجاشِيَّ. فواللهِ ما فرِحنا
بشَىءٍ فرَحَنا بظُهورِ النَّجاشِىِّ (?).
قال الشّافِعِيُّ رَحِمَه الله: رُوِىَ عن الأوزاعِىِّ: يَعودُ في إسارِهِم إن لَم
يُعطِهِمُ المالَ. قال: ومَنَ ذَهَبَ مَذهَبَ الأوزاعِىِّ ومَن قال بقَولِه فإِنَّما يَحتَجُّ -
فيما أُراه- بما رُوِىَ عن بَعضِهِم أنَّه رَوَى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صالَحَ أهلَ الحُدَيبيَةِ أن
يَرُدَّ مَن جاءَه مِنهُم بَعدَ الصُّلحِ مُسلِمًا، فجاءَه أبو جَندَلٍ فرَدَّه إلَى أبيهِ،