مَرّ عَلَيكَ مُذْ ولَدَتكَ أُمُّكَ". قُلتُ: أمِن عِندِكَ يا رسولَ الله أم مِن عِندِ اللهِ؟ قال:

"لا، بَل من عِندِ اللهِ تَبارَكَ وتَعالَى". وكانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إذا بُشِّرَ ببِشارَةٍ يَبرُقُ وجهُه

حتَّى كأنَّه قِطعَةُ قَمَرٍ، وكَذَلِكَ (?) يُعرَفُ ذَلِكَ مِنه، فلَمّا جَلَستُ بَينَ يَدَيه قُلتُ:

يا رسولَ الله، إنَّ مِن تَوبَتِى أن أنخَلِعَ مِن مالى صَدَقَةً إلَى اللهِ عَزَّ وجَلَّ وإِلَى

الرَّسولِ. قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أمسِكْ عَلَيكَ بَعضَ مالِكَ، فهو خَيرٌ لَكَ"، فقُلتُ:

فإِنَى أُمسِكُ سَهمِى الَّذِى بخَيبَرَ. فقُلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنَّما نَجّانِى بالصدق،

وإِنَ مِن تَوبَتِى ألا أُحَدثَ إلَّا صِدقًا ما بَقِيتُ، فواللَّهِ ما أعلمُ أحَدًا مِنَ المُسلِمينَ

ابتَلاه اللهُ في صِدقِ الحديثِ مُذْ حَدَّثتُ ذَلِكَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أحسَنَ ممّا

ابتَلانِى، ما تَعَمَّدتُ مُذْ ذَكَرتُ ذَلِكَ لِرسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إلَى يَومِى هذا كَذِبًا، وإِنِّى

لأرجو أن يَحفَظَنِى اللهُ فيما بَقِىَ. فأَنزَلَ اللهُ على رسولِه {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ

وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ

فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (117) وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا

حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ

إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا

اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 117 - 119]، فواللهِ ما أنعَمَ اللهُ عليَّ مِن

نِعمَةٍ بَعدَ أن هَدانى لِلِإسلامِ أعظَمَ في نَفسِى مِن صِدقِى رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -

يَومَئذٍ، ألَا أكونَ كَذَبتُه فأَهلِكَ كما هَلَكَ الَّذينَ كَذَبوه؛ فإِنَ اللهَ قال

لِلذينَ كَذَبوه حينَ نَزَلَ الوَحى شَرَّ ما قال لأحَدٍ، قال اللهُ تَبارَك وتَعالَى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015