اتَّقَيتَ اللهَ اجتَنَبتَ ما حَرَّمَ اللهُ عَلَيكَ. قال: ثُمَّ أقبَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - على النّاسِ
فقالَ: ماذا تَرَونَ فى جَلدِ قُدامَةَ؟ قالوا: لا نَرَى أن تَجلِدَه ما كان مَريضًا.
فسَكَتَ عن ذَلِكَ أيَّامًا، ثُمَّ أصبَحَ يَومًا وقَد عَزَمَ على جَلدِه فقالَ لأصحابِه:
ما تَرَونَ فى جَلدِ قُدامَةَ؟ فقالَ القَومُ: ما نَرَى أن تَجلِدَه ما دامَ وجِعًا. فقالَ
عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لأنَّ يَلقَى اللهَ عَزَّ وجَلَّ تَحتَ السّياطِ أحَبُّ إلَيَّ مِن أن يَلقاه وهو
فى عُنُقِي، ائتونِى بسَوطٍ تامٍّ. فأمَرَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بقُدامَةَ فجُلِدَ، فغاضَبَ
عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قُدامَةُ وهَجَرَه، فحَجَّ وحَجَّ قُدامَةُ مَعَه مُغاضِبًا له، فلَمّا قَفَلا مِن
حَجِّهِما ونَزَلَ عُمَرُ بالسُّقيا (?) واستَيقَظَ عُمَرُ مِن نَومِه فقالَ: عَجِّلوا علىَّ
بقُدامَةَ فأْتونِى به؛ فواللهِ إنِّى لأرَى أنَّ آتيًا أتانِى فقالَ: سالِمْ قُدامَةَ؛ فإِنَّه (?)
أخوكَ. فعَجِّلوا إلَيَّ به. فلَمّا أتَوه أبَى أن يأتِىَ، فأمَرَ به عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إن أبَى أن
يُجَزَ إلَيه حَتَّى كَلَّمَه واستَغفَرَ له، وكانَ ذَلِكَ أوَّلَ صُلحِهِما (?).
فى ابتِداءِ هذه القِصَّةِ ما دَلَّ على أنَّ عُمَرَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تَوَففَ فى قَبولِ شَهادَتِهِما
حينَ (?) لَم يَجتَمِعا على شُربِه، وحينَ حَدَّه يَحتَمِلُ أن يَكونَ ثَبَتَ عِندَه شُربُه
بإِقرارِه أو شَهادَةِ آخَرَ على شُربِه مَعَ الجارودِ (?).