الحياة لا تكون بها كذلك إلا من أنها تحتسي خمرها، فلها بعدُ من عاقبة هذه الفنون شبيه بما يكون للجسم القوي من عاقبة الخمر إذا تغلغلت الخمر في شعاب كبده وأحاطت رطبتها يابسة، كما وقع في أطوار كثيرة من تاريخ الأمم؛ فليس الاعتبار في هذا التشبيه بما يعرض من تأثير الساعة الزائلة بأفراحها وفن حياتها، بل الشأن للعاقبة المحتومة متى جاءت ساعتها الباقية بأحزانها وفن هلاكها، فالإسلام فيما حَرَّم وكره من ذلك لم يزد على أن أراد للحياة أن تحيا؛ لأنه لا يقر صورة من صور انتحارها.

ومَن كان أكبر عمله إنشاء الحقائق الإنسانية وتقريرها شريعة وعاطفة وأعمالًا، فلا جرم كان فنه غير الذي أكبر عمله تمويه تلك الحقائق وزخرفتها؛ ليقع الإحساس بها على غير وجهها، فتخف بالواقع منها على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015