نفسها؛ وبهذه الطريقة كانوا معه كأعظم فلاسفة الفن مع الفن إعجابًا وحبًا وانقيادًا وطاعة، حتى انخلعوا من عصرهم ودنياهم، وخرجوا من أحوالهم وطبائعهم، وانجذبوا إليه أشد انجذاب عرفه التاريخ، وأصبحوا مصرفين معه تصريف الحوادث لا تصريف الأشخاص، وعادت أنفسهم وكأن تأثير الأرض يلتقي فيها بتأثير السماء فيُغسل في سحب عالية فلا يكون فيها كما يريده الناس، بل كما يريد الله؛ ورجعت قلوبهم لا تلبس على دينها رأيًا ولا هوى، وكأنما وضع لها هذا الدين حرسًا على كل سمع وعلى كل بصر؛ وبالجملة فأولئك قوم كأنما تناولهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فأفرغهم ثم ملأهم، وما انتقلوا إلى منزلتهم العالية في التاريخ إلا بعد أن نقلهم هو إلى منزلة من منازل نفسه الشريفة.
وناهيك من رجال يمثل لهم بهذا المثل الذي يضربه