فكان لهذا الحديث في نفسي كلام طويل عن هؤلاء الذين يخوضون معنا البحر ويسمون أنفسهم بالمجددين، وينتحلون ضروبًا من الأوصاف: كحرية الفكر، والغيرة، والإصلاح؛ ولا يزال أحدهم ينقر موضعه من سفينة ديننا وأخلاقنا وآدابنا بفأسه، أي بقلمه ... زاعمًا أنه موضعه من الحياة الاجتماعية يصنع فيه ما يشاء، ويتولاه كيف أراد، موجهًا لحماقته وجوهًا من المعاذير والحجج، من المدنية والفلسفة، جاهلاً أن القانون في السفينة إنما هو قانون العاقبة دون غيرها، فالحكم لا يكون على العمل بعد وقوعه كما يحكم على الأعمال الأخرى؛ بل قبل وقوعه، والعقاب لا يكون على الجرم يقترفه المجرم كما يعاقب اللص والقاتل وغيرهما، بل على الشروع فيه، بل على توجه النية إليه، فلا حرية هنا في عمل يفسد خشب السفينة أو يمسه من قرب أو بعد