استنب نَائِبا بِبَعْض نَفَقَتك فَقَالَ لَا حَاجَة لي بذلك ثمَّ عرض عَلَيْهِ الطين والقرية فاشتراهما وَكَانَت الْقرْيَة غير مأهولة إِنَّمَا بهما بتول يحرث لصَاحب الأَرْض الَّذِي بَاعهَا مِنْهُ فَلَمَّا صَارَت ملك هَذَا الْفَقِيه ابتنى بهَا بَيْتا وانتقل اليها من جبلة باولاده وَزَوجته الْحرَّة بنت الشَّيْخ عمرَان الصُّوفِي مقدم الذّكر وَكَانَ قد تفقه على فُقَهَاء جبلة ولازم الْفَقِيه ابا بكر بن العراف ان يطلع مَعَه إِلَى قريته فَلَمَّا طلع مَعَه من جبلة وقف مَعَه بالمنزل وَقَالَ لَهُ يَا فَقِيه تقف معي وَيكون لَك نصف هَذِه الأَرْض فَلم يُوَافقهُ الى ذَلِك صَار الى تعز وَكَانَ لَهُ بهَا من الشَّأْن مَا قدمنَا ذكره وَلم يزل هَذَا الْفَقِيه مُقبلا على الْقِرَاءَة للكتب وَالْعِبَادَة مُنْفَردا بالقرية إِلَى أَن توفّي على حَال مرضى من صَلَاح الدّين وَالدُّنْيَا فِي هَذَا الْمنزل سلخ شهر شَوَّال سنة أثنتين وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة وَخلف خَمْسَة اولاد صغَارًا من ابْنة الشَّيْخ عمرَان وَلم تكن بِدُونِهِ فِي الصّلاح وَالْعِبَادَة والورع وَيُقَال انها كَانَت السَّبَب فِي سلوكه الطَّرِيق المحموده الَّتِي قدمناها وَلما توفّي نزلت بهم الى جبلة فتربوا فِيهَا وتعلموا الْقُرْآن مَعَ مراعاتها بَاطِنا وَأَهْلهَا ظَاهرا فنشأوا جَمِيعًا نشؤا مرضيا أكبرهم هَارُون حج مرَارًا وَله مسموعات ومقرؤات وان قلت فقد كثرها دينه وَمَا فِيهِ من الْمَعْرُوف ومحبة الْعلم وطلبته وَعنهُ اروي كتاب الرَّقَائِق لِابْنِ الْمُبَارك اذ قَرَأت عَلَيْهِ غالبة فِي منزله هَذَا وَقد قدم عَائِدًا من الْحَج سنة احدى عشرَة وَسَبْعمائة وَذَلِكَ انني كنت يَوْمئِذٍ بِمَسْجِد عكار ادرس فِيهِ فبلغني قدومه من الْحَج وَله عَليّ من التفضل كثير فوصلت اليه الى هَذَا الْمنزل وسلمت عَلَيْهِ وَسَأَلته مَا سمع بِمَكَّة فَاخْرُج الْكتاب الْمَذْكُور وناولنيه فاعجبني فاقمت عِنْده أقراه أَيَّامًا غَالب ظَنِّي انني أكملته وَكَانَ مَعْدُوم النظير فِي الدّين وَطلب الْحل والاتجار كَمَا يَنْبَغِي فبورك لَهُ أَكثر مِمَّا بورك لِأَبِيهِ وَاشْترى من ذَلِك ارضا كَثِيرَة وَتُوفِّي على ذَلِك عَائِدًا من الْحَج بِموضع يعرف بقنونا فِي أول الْمحرم سنة سبع عشرَة وَسَبْعمائة بعد ان اوصى بِثلث