فِي الْجند وَهِي خَمْسَة عشر دِينَارا وَله أَرض على قرب مَدِينَة الْجند وَأَرْض بِبَلَدِهِ يَأْتِيهِ مِنْهَا مَا يقوم بِحَالهِ وَكَانَ غَالِبا على حَاله المسكنة وَكَثِيرًا مَا يدان وَقل أَن يدان من أهل الْجند تورعا لَيْسَ كَمَا نرى من حكام الْوَقْت يدْخل الْحَاكِم فَقِيرا فَيصير غَنِيا فِي أقرب مُدَّة وَهَذَا جلس خمْسا وَأَرْبَعين سنة وَمَات مديونا عَلَيْهِ نَحْو من سِتّمائَة دِينَار وَعمر فَوق مئة سنة لم يتَغَيَّر لَهُ عقل وَلَا اخْتَلَّ لَهُ فهم يحضر الْمجَالِس الْفِقْهِيَّة والمواكب الملكية يستضاء بِرَأْيهِ وَينْتَفع بِعِلْمِهِ وَكَانَت وَفَاته على الْقَضَاء المرضي بالجند لَيْلَة الْأَرْبَعَاء حادي عشر جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَسبعين وسِتمِائَة وقبر تَحت جبل صرب زرت قَبره مرَارًا لما ذكر لي من خَبره وَإِلَّا فغالب الْحُكَّام تنفر النَّفس مِنْهُم أَحيَاء فَكيف أَمْوَاتًا وَذَلِكَ وَالْقَضَاء بيد مُحَمَّد بن أسعد الملقب بالبهاء الْمُقدم الذّكر فَلم يستنب بِالْقضَاءِ أحدا غير أَخ لَهُ اسْمه حسان وَهُوَ أَصْغَرهم وَقد تقدم ذكره مَعَ أَهله فاستولوا على الْقَضَاء والخطابة واستنابوا على وقف الْمَسْجِد والمدارس من شَاءُوا وَلم يزل حسان على الْقَضَاء حَتَّى توفّي القَاضِي مُحَمَّد بن عَليّ الْآتِي ذكره صَاحب تعز فَنقل القَاضِي الْبَهَاء أَخَاهُ حسان عَن الْجند إِلَى تعز وتركا الْجند لعبد الله خطابة وَحكما واستنابة وَلم يزل على ذَلِك حَتَّى نزع الْقَضَاء مِنْهُم على الصّفة الْمُتَقَدّمَة وَخلف القَاضِي عِيسَى وَلدين هما إِبْرَاهِيم وَمُحَمّد فإبراهيم تفقه بِأَبِيهِ ثمَّ بفقهاء المصنعة ثمَّ بعمر بن مَسْعُود الأبيني بِذِي هزيم ثمَّ بِإِحْدَى الوزيرتين وَرُبمَا كَانَ بهما وَيَأْتِي ذكر الْجَمِيع إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَكَانَ فَقِيها كَبِيرا وَهُوَ آخر من يعد فَقِيها من بني مفلت على مَا بَلغنِي وَكَانَت الْجند موردا للْعُلَمَاء ومقاما للملوك فَكَانَ يَأْخُذ عَن كل من وردهَا من الْعلمَاء واكتسب علوما جمة مِنْهَا الْفِقْه والأصولان وَكَانَ مُعظما عِنْد أهل الدولة والبلد وَكَرِهَهُ بَنو عمرَان لِأَنَّهُ كَانَ لَا يتخضع لَهُم وَلَا يلْتَفت عَلَيْهِم وَلَا إِلَيْهِم وَكَانَ فِي أَيَّام أَبِيه يدرس بِالْمَدْرَسَةِ الشقيرية فأخرجوه عَنهُ ووقف بالجند متقطعا عَن الْأَسْبَاب وَكَانَ بِيَدِهِ أَرض بَاعهَا على شخص فَأمروا عَلَيْهِ وأكرهوه فِي دفع الثّمن ورغبوه فِي الأفساخ ففاسخه ثمَّ كَانُوا يذكرُونَ للسُّلْطَان عَنهُ أمورا قبيحة هُوَ منزه عَنْهَا لَا غَرَض لَهُم بذلك غير إِسْقَاطه عَن عين السُّلْطَان فَحصل بذلك بعض صُورَة عِنْده وَكَانَ قد استفاض بَين