وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة وَخَلفه ابْن لَهُ اسْمه مُحَمَّد هُوَ عين أَهله دينا وعقلا ورياسة فَقدمت بلدهم سنة سبع عشرَة وَسَبْعمائة فَوجدت لَهُ مَكَارِم أَخْلَاق وَلَيْسَ فيهم أحد يشْتَغل بالفقه فأذكره لَكِن مُحَمَّدًا هَذَا من أَعْيَان النَّاس وعقلائهم وَأهل بَلَده ونواحيها يرجعُونَ إِلَى قَوْله وَهُوَ الَّذِي أخرج لنا شَيْئا من كتب أَهله تتبعت مِنْهُ التَّارِيخ وَأما عبد الله بن زيد فَهُوَ عبد الله بن زيد بن مهْدي العريقي من أعروق أَيَّامه بِرَفْع الْهمزَة وَفتح الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت ثمَّ ألف ثمَّ فتح الْمِيم ثمَّ هَاء سَاكِنة وَهِي قَرْيَة على قرب من حصن الشذف بهَا قوم هَذَا الْفَقِيه وَفِي الْقرْيَة سد متغير كلما أصلح تغير ينْقل قدماؤهم أَن سَبَب ذَلِك أَنه امْتَلَأَ مَاء فِي أول مرّة فَأَتَاهُ جمَاعَة من صبيان الْحَيّ وَفِيهِمْ ولد للفقيه فَسقط إِلَيْهِ وَمَات فِيهِ فَقيل للفقيه ذَلِك فَقَالَ لَا بَارك الله بِهِ من سد فانشق وَهُوَ كلما أصلح من جِهَة فسد من أُخْرَى وَكَانَ تفقه هَذَا عبد الله بِابْن أبي الْيَقظَان كَمَا ذكر ابْن سَمُرَة وَقد ثَبت أَنه أَخذ وتفقه على الإِمَام سيف السّنة وَأخذ رِوَايَته للْحَدِيث وَالْفِقْه عَنهُ وَكَانَ دَقِيق النّظر ثاقب الفطنة اتَّضَح لَهُ فِي مسَائِل الْخلاف مَا لم يَتَّضِح لفقهاء الْوَقْت إِذْ غلب عَلَيْهِم تَقْلِيد مَذْهَب الشَّافِعِي فَذهب فِي الْمسَائِل الَّتِي خَالف بهَا إِلَى أَقْوَال أَئِمَّة معتقدين ظهر لَهُم قُوَّة الْأَدِلَّة فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ وَذَلِكَ بِخِلَاف مَذْهَب أَحْمد بن حَنْبَل وَدَاوُد ونظرائهم فأنكروا عَلَيْهِ بِغَيْر إنصاف إِذْ لم يطيقوا الْإِنْكَار على غَيره مِمَّن قَالَ بقوله إِذْ أَكثر مَا فعلوا بالإنكار عدم قبُول قَوْله وعندما يوردون مَسْأَلَة فِيهَا خلاف أوردوا خِلَافه وَلم يتَعَرَّضُوا لَهُ بِسَبَب بل يعظمونه ويثنون عَلَيْهِ بِمَا يَنْبَغِي الثَّنَاء بِهِ على أهل الْعلم فالعجب للمتأخرين كَيفَ لَا يقتدون بالمتقدمين فِي ذَلِك
وَهَذَا الْفَقِيه كَانَ مَشْهُورا بِالْعلمِ وَالصَّلَاح وَإِذا نظر النَّاظر فِي مصنفاته علم غزارة علمه وجودة فَضله وَله عدَّة مصنفات فِي الْفِقْه وَالْأُصُول وَكَانَ نظيف الْفِقْه توفّي تَقْرِيبًا فِي عشر الْأَرْبَعين وسِتمِائَة فِي جَامع الصردف معتكفا إِذْ كَانَ كثير الِاعْتِكَاف وقبره بحياطة شَرْقي الْمَسْجِد زرته فِي آخر الْمحرم سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسَبْعمائة ثمَّ زرته بعد ذَلِك مرَارًا فِي أَوْقَات مُتَفَرِّقَة وَلم يكن اعْتِكَافه إِلَّا بعد خلو الصردف عَن السكان
وَمِمَّنْ عده ابْن سَمُرَة أَيْضا فِي الطّلبَة مُحَمَّد بن أبي بكر بن مفلت وَقد تفقه بِمُحَمد بن مُوسَى يَعْنِي الْمَذْكُور أول ذكر أَصْحَاب صَاحب الْبَيَان فَلَمَّا اجْتمعت بِبَعْض ذُريَّته وَكَانَ مِنْهُم جمَاعَة يسكنون الْجند مِنْهُم شخص توفّي سنة خمس