الشَّيْخَيْنِ أبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا فَسَأَلُوهُ عَن دينه فَأخْبرهُم فالتزموا لَهُ بذلك وَأَن يسدوا فاقته فَلَمَّا جَاءَ وَقت الْخطْبَة صعد الْمِنْبَر وخطب حَتَّى جَاءَ مَوضِع ذكر الشَّيْخَيْنِ فَقَالَ وَاعْلَمُوا رحمكم الله أَن ذكر الشَّيْخَيْنِ أبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا لَيْسَ شرطا فِي الْخطْبَة وَقد حصل لي ببركتهما كَذَا وَكَذَا دِينَارا وَكَذَا وَكَذَا ذَهَبا من الطَّعَام فعلى مبغضهما لعنة الله ولعنة اللاعنين
وَكَانَ الشِّيعَة قد اجْتَمعُوا من أَمَاكِن شَتَّى ليسمعوا بِإِسْقَاط الشَّيْخَيْنِ إِلَى الْجَامِع فَلَمَّا عمل هَذَا مَا عمل فحين سمعُوا ذَلِك ساءهم وشق بهم وَقَالُوا لم يرض إِلَّا سبنا وذكرهما بِأَحْسَن مَا كَانَا يذكران بِهِ ثمَّ لما خَرجُوا من الْجَامِع اتَّفقُوا على الرواح إِلَى بَيت الْمعز وملازمته بِالْإِرْسَال على الْخَطِيب وَالْأَمر لَهُ بِأَن يبْقى على الْعَادة الْمُتَقَدّمَة فَفَعَلُوا ذَلِك وَفعله الْمعز خشيَة بَقَاء سبّ مبغضيهما بعد أَن قَالَ لَهُم وَالله لقد كنت خاشيا عَلَيْكُم وعَلى الْخَطِيب أَن تقع الْعَامَّة بكم وَبِه وَقد سَمِعت من يذكر أَن الْخَطِيب لم يكن هَذَا وَإِنَّمَا كَانَ رجلا من أهل صهْبَان يُسمى الصُّبْح وَالله أعلم بِالصَّوَابِ
وَقد عرض مَعَه ذكر عبد الله بن أسعد بن نَاجِي التباعي وَهُوَ أحد أَعْيَان الْيمن وأخيار الزَّمن وَكَانَ مَشْهُورا بِالْكَرمِ وسعة الْجُود وَالنعَم لَهُ عطايا جمة مَسْكَنه قَرْيَة المخادر قد مضى ذكرهَا ونال هَذَا عبد الله وَأَخُوهُ مكانة عَظِيمَة ورزقه الله سماحة نفس وعلو همة بِحَيْثُ سَمِعت لَهُ مَكَارِم يطول تعدادها وَيكثر إيرادها وَكَانَ قد استماله بعض الإسماعيلية وَدخل بمذهبه وَصَارَ عَلَيْهِ مَعَ تستر فَإِنَّهُ ليَوْم قَاعد فِي الْجَامِع بالمخادر وَهُوَ حافل بِجمع من الْفُقَهَاء والطلبة إِذْ قَرَأَ بَعضهم بِصَوْت حسن سُورَة الْمُؤمنِينَ حَتَّى قَرَأَ {وَلَقَد خلقنَا الْإِنْسَان من سلالة من طين ثمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَة فِي قَرَار مكين} إِلَى أَن بلغ قَوْله {ثمَّ إِنَّكُم بعد ذَلِك لميتون ثمَّ إِنَّكُم يَوْم الْقِيَامَة تبعثون} ثمَّ جعل يُرَدِّدهَا فحكي أَنه بَكَى حَتَّى غشي عَلَيْهِ ثمَّ أَفَاق وَتشهد واستغفر الله تَعَالَى وَنزل على طَرِيق السّنة لَا يَبْدُو مِنْهُ مَا يُخَالِفهَا حَتَّى توفّي وَكَانَ قد حدث لَهُ فِي تِلْكَ الْمدَّة الَّتِي أَقَامَ بهَا خَارِجا أَوْلَاد