(قَبْرًا مُشْرِفًا) قال القاري (?): هُوَ الَّذِي بُنِيَ عَلَيْهِ حَتَّى ارْتَفَعَ دُونَ الَّذِي أُعْلِمَ عَلَيْهِ بِالرَّمْلِ وَالْحَصْبَاءِ أَوْ مَحْسُومَةٌ بِالْحِجَارَةِ لِيُعْرَفَ وَلَا يُوطَأَ.

(إِلَّا سَوَّيْتُهُ) قَالَ الْعُلَمَاءُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُرْفَعَ الْقَبْرُ قَدْرَ شِبْرٍ وَيُكْرَهُ فَوْقَ ذَلِكَ.

وقال ابْنُ الْهُمَامِ (?) هَذَا الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ مِنْ تَعْلِيَةِ الْقُبُورِ بِالْبِنَاءِ الْعَالِي، وَلَيْسَ مُرَادُنَا ذَلِكَ بِتَسْنِيمِ الْقَبْرِ بَلْ بِقَدْرِ مَا يَبْدُو مِنَ الْأَرْضِ وَيَتَمَيَّزُ عَنْهَا» (?).

وقَالَ الإمام الشَّوْكَانِيُّ:

قَوْلُهُ: (لَا تَدَعْ تِمْثَالًا إلَّا طَمَسْتَهُ) فِيهِ الْأَمْرُ بِتَغْيِيرِ صُوَرِ ذَوَاتِ الْأَرْوَاحِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إلَّا سَوَّيْتَهُ) فِيهِ أَنَّ السُّنَّةَ أَنَّ الْقَبْرَ لَا يُرْفَعُ رَفْعًا كَثِيرًا مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ مَنْ كَانَ فَاضِلًا وَمَنْ كَانَ غَيْرَ فَاضِلٍ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ رَفْعَ الْقُبُورِ زِيَادَةً عَلَى الْقَدْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ مُحَرَّمٌ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَصْحَابُ أَحْمَدَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٌ.

وَمِنْ رَفْعِ الْقُبُورِ الدَّاخِلِ تَحْتَ الْحَدِيثِ دُخُولًا أَوَّلِيَّا الْقُبَبُ وَالْمَشَاهِدُ الْمَعْمُورَةُ عَلَى الْقُبُورِ، وَأَيْضًا هُوَ مِنْ اتِّخَاذِ الْقُبُورِ مَسَاجِدَ، وَقَدْ لَعَنَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - فَاعِلَ ذَلِكَ (?).

وَكَمْ قَدْ سَرَى عَنْ تَشْيِيدِ أَبْنِيَةِ الْقُبُورِ وَتَحْسِينِهَا مِنْ مَفَاسِدَ يَبْكِي لَهَا الْإِسْلَامُ، مِنْهَا اعْتِقَادُ الْجَهَلَةِ لَهَا كَاعْتِقَادِ الْكُفَّارِ لِلْأَصْنَامِ: وَعَظُمَ ذَلِكَ فَظَنُّوا أَنَّهَا قَادِرَةٌ عَلَى جَلْبِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015