خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11)} (الحجرات:11). ويقول تعالى حاكيًا عما لاقاه رسوله الكريم - صلى الله عليه وآله وسلم - وأصحابه من أذى المشركين: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (31) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ (32) وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ (33) فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (35) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36)} (المطففين: 29 - 36).
وفضيلة الأستاذ الدكتور/علي جمعة مفتي جمهورية مصر العربية من العلماء الذين نُجلّهم ونقدّرهم؛ لأنه على رأس مؤسسة الإفتاء المصرية التي اضطلعت - وما تزال - بمهمة توجيه المسلمين إلى ما ينفعهم في دينهم ودنياهم، وذلك ببيان ما يحل لهم وما يحْرُم عليهم من أمور الدنيا والدين، خرج علينا فضيلته في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة بكتاب مطبوع على نفقة وزارة الأوقاف المصرية ومدعوم بأموال المسلمين، أسماه " المتشددون، منهجهم، ومناقشة أهم قضاياهم " صَوَّب فيه سهامه إلى السلفيين، ونال من منهجهم ووصفهم بأحَطّ الصفات من التشدد والضلال، وكالَ لهم التهم جزافًا، وحذّر منهم ومن منهجهم، وبيَّن أنهم أخطر على الأمة من ألّدِّ أعدائها، واستعدى عليهم جميع أفراد الشعب لكي يقفوا صفًا واحدًا في وجه هذا الخطر الداهم، وهذا مسلكٌ غريب، وسلوكٌ مُريب كُنّا نَبْرَأ بفضيلته أن يَسْلُكَه، فضلًا أن يدعوَ إليه.
وقد قام الأخ الفاضل الشيخ شحاتة صقر بمناقشته، والرد على فضيلته، وتفنيد حُجَجِه، ذبًّا عن إخوانه المسلمين الذين أصابتهم سهامه وسياطه، ودفعَ إلَيَّ كتابه للنظر فيه، ففعَلْتُ ولم أجد فيما كتبه شططًا، أو خروجًا على منهج أهل السنة والجماعة مِن طلبِ الدليل والتمسكِ به، فجزاه الله خيرًا.
واللهَ أسألُ أن يجمع هذه الأمة على كلمةٍ سواء، وأن يبرم لها أمر رُشدٍ يُعَزُّ فيه أهل الطاعة، ويُذَلُّ فيه أهل المعصية، ويُؤْمَرُ فيه بالمعروف، ويُنْهَى فيه عن المنكر، إنه