وعلماء الإسلام يجدون أنفسهم اليوم وسط هذه الدوامة المدمرة وليس في أيديهم من وسائل الاتصال بالناس إلا وسائل إعلامية محدودة كخطبة أو درس في مسجد أو صحيفة محدودة لا يقرؤها إلا نفر يسير، وقد حجب الناس عنهم بتلك الوسائل الإعلامية الضخمة التي يملكها الباطل وتسير في ركاب الشيطان. ثم وهؤلاء العلماء لا يجدون من الأوقات ما يتفرغون به في الرد على الشبهات أو ملاحقة ما يقذفه أهل الباطل من شكوك وظلمات ولذلك تعطلت فاعلة الاجتهاد وقل رجاله بل ندروا، وأصبح المجال مفتوحاً أمام رواد الباطل ومروجي الخرافات.

وهكذا أدى انفصال السياسة والحكم عن الدين إلى إنزواء علماء الشريعة ووضع شأنهم وانشغالهم بتحصيل عيشهم وقوت أولادهم عن النظر في الدين والعلم والحياة. فلا نجد عند أحدهم فرصة لقراءة صحيفة أو متابعة لأخبار الناس وتحولاتهم أو معرفة لعقائدهم وسلوكهم، وبذلك ظهر علماء الشريعة وكأنهم يعيشون في غير عصورهم ويتكلمون مع غير بني جنسهم.

ولو كانت السياسة والحكم تسير في ركاب الدين لكان لعلماء الشريعة شأن آخر، وذلك أنهم سيستشارون ويؤخذ رأيهم في مشكلات الأمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وسيكون لهم شأن آخر، فسيطلعون على أحوال الناس ويشاركون في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015