والتي قدر لها أن تنهض بدور خطير في تاريخ مصر السياسي لما يقارب من قرنين ونصف، ومما يقوله: ابن تغري بردي نقلاً عن ابن واصل مؤرخ الأيوبيين: اشترى من المماليك الترك ما لم يشتره أحد من أهل بيته حتى صاروا معظم عسكره وأرجحهم على الأكراد وأمرهم (?)، ويبدو أن الملك الصالح أراد أن يشكر المماليك في مساندتهم له للوصول إلى دست السلطنة، ولذلك عمل منهم جيش قوي يسانده في فرض إرادته على الأقاليم الأيوبية بعد أن لمس غدر الطوائف الأخرى من الجند المرتزقة مما دفعه إلى الاعتماد على تلك الفرقة الجديدة وترجيحهم على العناصر الأخرى السائدة (?)،

وأما عن السبب في تسميةهذه الفرقة بالبحرية فالمرجح أن ذلك يرجع إلى إختيار السلطان الملك الصالح نجم الدين جزيرة الروضة على بحر النيل مركزاً لهم ولثكناتهم العسكرية وكان معظم هؤلاء المماليك من الأتراك المجلوبين من بلاد القفجاق شمال البحر الأسود ومن بلاد القوقاز، قرب بحر قزوين، وقد كان للأتراك القفجاق، ميزاتهم الخاصة بين طوائف الترك العامة من حيث حسن الطلعة وجمال الشكل وقوة البأس فضلاً عن الشجاعة النادرة، ولا شك في ولاء هؤلاء لسيدهم وقد كانوا قد شكلوا نواة لقوة عسكرية ضاربة في الجيش الأيوبي واحتلوا نتيجة لنيلهم ثقة واعتماد السلطان رتباً عسكرية كبيرة في جيش الملك الصالح نجم الدين أيوب مثل المكانة التي كان يتمتع بها مقدمهم ركن الدين بيبرس والذي لعب دوراً كبيراً في صعود الملك الصالح إلى السلطنة وفيما بعد في المعارك ضد الصليبيين الفرنج وخاصة معركة المنصورة (?).

ب ـ ثكنات المماليك الصالحية في جزيرة الروضة:

اتخذ الملك الصالح أيوب لمماليكه قاعدة في جزيرة الروضة تعرف قلعة الجزيرة أو قلعة الروضة، وجعلها مقراً لهم وشرع في حفر الأساس وبنائها بين عامي 637هـ/1239م و638هـ/1240م، ولتطوير هذه الثكنات هدم الكثير من الدور والقصور والمساجد التي كانت في الجزيرة وأدخلت في نطاق القلعة مشيداً فيها مبانٍ كثيرة منها ستين برجاً وأقام بها مسجداً وغرس بداخلها أنواعاً شتى من الأشجار، ومن شحنها بالسلاح وآلات الحرب وما يحتاج إليها من الغلال والأزواد والأقوات وقد أنفق السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب على عمارتها أموالاً كثيرة، وكان السلطان يقف بنفسه ويرتب ما يعمل بها، وقد عمل كل ذلك من أجل أن ينتقل من قلعة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015