11 ـ ميلاد دولة المماليك الفتية: في الوقت الذي كانت قوات الحملة الصليبية السابعة تنزل على شاطيء البحر المتوسط أمام دمياط، كانت جحافل التتار بقيادة هولاكو تطوي بلدان المشرق الإسلامي وتقترب من عاصمة الخلافة العباسية الواهنة في بغداد، وإذا كانت إنتصارات المماليك في المنصورة وفارسكور سنة 648هـ/1250م هي صرخة الميلاد للدولة المملوكية، فإن معركة عين جالوت ـ التي حسرت المد المغولي ـ كانت تأكيداً للدور التاريخي الذي ينتظر دولة سلاطين المماليك، وهو دور القوة الضاربة المدافعة عن العالم الإسلامي (?)، وتمكنت الدولة الجديدة ـ بقيادة السلطان الظاهر بيبرس ـ أن تغير مصير المنطقة في أكثر من إتجاه إذ طاردت فلول المغول وقضت على بقايا الأيوبيين، كما أحاطت بالمستوطنات الصليبية من كل إتجاه، وعلى الرغم من الضجة التي أحدثها المغول في تاريخ المنطقة إلا أن خطرهم على العالم الإسلامي لم يكن كبيراً مثل خطر الصليبيين الذين كان الصراع ضدهم صراع وجود، ويتأكد هذا القرض من خلال الحقيقة القائلة: أن المغول الذين غزو المشرق الإسلامي لم يلبثوا أن إعتنقوا الإسلام، وصاروا من أكثر المدافعين عنه حماسة بعد جيلين فقط من هزيمة عين جالوت.
12 ـ الدور الرمزي للخلافة العباسية: تأكد الدور الرمزي والعاطفي للخلافة العباسية، فقد كان إحياء الخلافة العباسية في القاهرة سنة 659هـ/1261م بمثابة الحل السعيد الذي وجده السلطان الظاهر بيبرس لإضفاء الشرعية على دولته العسكرية التي قامت بدور هائل في تصفية الوجود الصليبي، وقد أثبتت الأحداث طوال عصر سلاطين المماليك أن الخلفاء العباسيين في القاهرة لم يكن لهم من الخلافة سوى إسمها، كما تحددت إقامة معظمهم بحيث كانت أقرب إلى الإعتقال (?).
13 ـ تطوير الجيش المملوكي وتحديث عتاده وأنظمته: إزداد حجم الجيش بعد معركة عين جالوت وتعددت تشكيلاته القتالية، ففي أعقاب المعركة وفي زمن الملك الظاهر كان هناك ثلاث جيوش، أحدهما في مصر وثانيهما في دمشق وثالثهما في حلب، ولقد أطلق على الجيش الذي يقوده القائد الأعلى جيش الزحف، ويبلغ عدده أربعين ألف مقاتل، وبلغت